عالمية

خبير ألماني: “ليبيا عبارة عن ثقب أسود”


طلبت الحكومة الليبية المعترف بها دوليا من الجامعة العربية شن غارات جوية لوقف تقدم الجهاديين في سرت. ما هي احتمالات موافقة الدول العربية على ذلك؟

ميشائيل لودرز: ليس واضحا بعد إن كانت الجامعة العربية ستتدخل عسكريا في ليبيا. كيفما كانت الأحوال فهي لن تنجح في إنهاء الفوضى.

توجد في ليبيا حكومتان، واحدة معترف بها وهي في طبرق، شرق البلاد، والثانية مقربة من الإسلاميين ومقرها طرابلس. منذ سقوط القذافي أصبحت ليبيا فريسة للميليشيات وللقبائل والجماعات الإسلامية المتناحرة. وهذا أدى إلى التدمير الذاتي.

هل يعني هذا أن الحلفاء العرب لا يستطيعون فعل شيء؟

من الصعب التدخل عسكريا في دولة مثل ليبيا وسوريا والعراق، التي تقدم نفسها على أنها دول فاشلة وفيها لاعبون سياسيون وعسكريون يغيرون تحالفاتهم بشكل شبه يومي. كانت لدى مصر فكرة إخضاع الجزء الشرقي لسيطرتها شكليا، بهدف محاربة الإرهاب، ولكن من خلفية أن تصبح مصر لاعبا رئيسيا في ليبيا الغنية بالنفط. لكن مصر نأت بنفسها حتى الآن عن هذه الخطط.
إذا لم يكن هناك حل سياسي، فهل ترى وجود فرصة لحل سياسي؟

هذا أمر صعب. حين تختفي الدولة المركزية ويكون اللاعبون المختلفون غير راغبين في التوصل إلى توافق بينهم، فيسعون فقط إلى فرض إرادتهم على الطرف الآخر، فإنه لمن الصعب التدخل.

لا أحد يملك وصفة سحرية. ليبيا تتحول أكثر فأكثر إلى ثقب أسود في شمال إفريقيا، وإلى قلعة لتنظيم “الدولة الإسلامية” والجماعات الإسلامية المتطرفة الأخرى. كما أنها منفذ المهاجرين إلى أوروبا.

هل يعني هذا أن ليبيا باتت الآن دولة فاشلة؟

كل شيء يشير إلى ذلك. مؤسسات الدولة لا تعمل ولا توجد حكومة مركزية قادرة على فرض إرادة الشعب ديمقراطيا أو حتى فرض مطالبها الخاصة بالسلطة على كامل البلاد. هناك الكثير من الجهات الفاعلة الغامضة بتحالفات متغيرة. الكل يتدخل في ليبيا وأكثر القوى الخارجية تدخلا هناك هي مصر والجزائر.

وقد يكون من الوهم الاعتقاد بإمكانية الحل عسكري في ليبيا. فعندما تنهار دولة، فإن إعادة بناء هياكلها تحتاج إلى وقت طويل. وقد ينجح ذلك بعد استنزاف قوى المتحاربين. الحرب في ليبيا ستطول.
تنظيم “الدولة الإسلامية” يتقدم في ليبيا مستخدما أعمال عنف لا يمكن تصورها. الناس يُعدمون وتقطع أطرافهم. وقد سقطت صواريخ على مدينة درنة شرق البلاد بعد طرد “داعش” منها، فهل سيستمر الوضع على هذا المنوال؟

طالما بقيت البنى في ليبيا كما هي عليه الآن، مدمرة ولا تدعوا للأمل، وطالما لا تلوح حكومة مركزية في الأفق ، فستواصل “الدولة الإسلامية” التقدم.

“الدولة الإسلامية” في ليبيا ليست هي نفس “الدولة الإسلامية” في سوريا والعراق. الأمر هنا يتعلق بأشخاص يستغلون هذا الاسم لأنه أصبح عبارة عن ماركة تجارية، علامة مميزة لمشهد الجهاديين. ومن ينسب لنفسه هذا الاسم، فإنه يأمل في أن تكون له ميزة تنافسية تجاه باقي الميليشيات.

إن وحشية “الدولة الإسلامية” في ليبيا شبيهة بوحشيتها في مناطق أخرى في الشرق الأوسط، ويشمل ذلك أعمال الإعدام بوحشية، وعرض جثث القتلى كما حدث في سرت. إنهم يحاولون القضاء بالكامل على معارضيهم. وهذا يجعل تصور التوصل إلى حل سياسي أو إلى حلول وسط أمرا صعبا.

ميشائيل لودرز حاصل على الدكتوراه في الدراسات الإسلامية والعلوم السياسية وله عدة كتب وروايات ونائب رئيس المؤسسة الألمانية للمشرق.

DW