طب وصحة

القيلولة لأكثر من عشرين دقيقة تسبب الوفاة المبكرة


أظهرت العديد من الدراسات التي تمّ خلالها رصد نشاط المخ، أن حالة الابتكار تزيد لدى الإنسان بسبب القيلولة، كما أنها تجدّد الطاقة في الجسم وتزيد التركيز، وبالتالي فهي مفيدة للموظفين والطلبة أثناء المذاكرة، لما لها من تأثير إيجابي على مستوى الأداء الذهني. كما تساعد القيلولة أيضا على تقوية الذاكرة، حيث تتاح للمخ خلالها فرصة التعامل بهدوء مع المعلومات الجديدة التي تمّ تحصيلها. وتمتدّ فوائدها إلى عضلات الجسم المجهدة.
ورغم وجود العديد من الفوائد للقيلولة، إلا أنها لا تخلو من الأضرار والتأثيرات السلبية في حال زيادتها عن مدتها الصحية، حيث ربطت دراسة أميركية بين القيلولة لفترات طويلة ومنتظمة وبين الوفاة المبكرة خاصة لدى النساء.

وشملت الدراسة أكثر من ثمانية آلاف امرأة أميركية من مراحل عمرية مختلفة، وتابعت أسلوب حياتهن على مدار سبعة أعوام. وخلصت إلى أن خطورة الوفاة المبكرة بين النساء اللاتي كن ينمن خلال النهار بشكل منتظم، تزيد بنسبة 45 بالمئة، مقارنة بمن لم يقمن بالقيلولة بشكل منتظم، وزادت نسبة الوفاة المبكرة بزيادة القيلولة عن ثلاث ساعات أسبوعيا.

وأشار الباحثون إلى أن نسبة المعاناة من مشكلات الدورة الدموية وأمراض القلب زادت لدى النساء اللاتي تخطت ساعات نومهن في اليوم الواحد عشر ساعات، بنسبة 59 بالمئة، عن النساء اللاتي ينمن لفترات تقدر بين ثمان وتسع ساعات في اليوم.

كما أن للقيلولة تأثيرات سلبية على الأطفال، إذ أنها قد تؤدي إلى اضطراب النوم ليلا، حيث أن عدم حصول الطفل على نوم كاف يؤثّر على قدرته على التعلّم. ورجّحت الدراسة هذا بجانب أن عدم اعتماد الطفل على نوم الظهيرة واعتياده على تأخير النوم لفترات الليل، هما عبارة عن إشارتين مفيدتين على نمو مخه.

عدم اعتماد الطفل على نوم الظهيرة واعتياده على تأخير النوم ليلا، هما عبارة عن إشارتين مفيدتين على نمو مخه
ويشير متخصصون إلى أنه لتحقيق الاستفادة القصوى من القيلولة لابد أن تكون لمدة 20 دقيقة، وهي مدة كافية لإعادة شحن الدماغ بالطاقة، أو تكون 90 دقيقة، وهي مدة كافية لينعم الفرد بالنوم، ما يعزّز القدرة الإبداعية لديه. ويفضّل أن تكون ما بين الساعة الواحدة ظهرا والثالثة عصرا، وأن يكون الفرد ممددا على أريكة بدلا من السرير، لضمان عدم الغوص في نوم عميق.

ويوضح د. مدحت الجمال، أستاذ أمراض القلب بمعهد القلب القومي بالقاهرة، أن للقيلولة في منتصف النهار فوائد كبيرة على صحة القلب، حيث تقلّل من فرص الإصابة بالنوبات القلبية. ولفت إلى أن القيلولة لمدة 30 دقيقة على الأقل ثلاث مرات في الأسبوع تجعل الإنسان أقل عرضة للأزمات القلبية وأمراض الأوعية الدموية.

بالإضافة إلى أن الراحة بانتظام في فترة الظهيرة لها تأثير كبير على وظيفة الجهاز المناعي، حيث يقوم الجهاز المناعي بالاستفادة من راحة الجسم. مما يؤدي إلى تشجيع الاستجابات المناعية بشكل أفضل. وهو ما يقوم بدوره بتحسين الذاكرة المناعية.
كما يمكن أيضا إنقاص الوزن عن طريق أخذ غفوة أو قيلولة في فترة الظهيرة، حيث أن فقدان الدهون يزيد بنسبة تصل إلى 60 بالمئة عند الانتظام في النوم في فترة الظهيرة. هذا بجانب أن القيلولة تعيد أيضا شحن قدرات الإنسان على التفكير والتركيز وتزيد إنتاجيته وحماسته للعمل، كما تجعله أكثر يقظة وتقوّي قدرته على التذكّر.
وتابع: القيلولة على الأقل من ثلاث إلى أربع مرات في الأسبوع تساعد على تنظيم مستويات هرمون التستوستيرون، حيث يؤدي تقليص النوم يوميا إلى قلة هذا الهرمون، ما له من آثار جانبية أخرى جسدية ونفسية.

59 بالمئة نسبة مشكلات الدورة الدموية لدى النساء اللاتي تخطت ساعات نومهن في اليوم الواحد الـ10 ساعات
ويشير د. الجمال إلى أنه لتحقيق الاستفادة القصوى من القيلولة وتجنّب أضرارها، يفضّل أن تتراوح مدتها بين 20 و30 دقيقة، وأن تكون في فترة العصر بعد الساعة الثالثة. وأشار إلى أنه على الرغم من منافع القيلولة إلا أنها ليست مناسبة للجميع، فالأشخاص الذين يعانون الأرق لا ينصحون بالنوم أثناء النهار، لأن القيلولة لوقت طويل أو في ساعة متأخرة قد تعيق قدرتهم على النوم ليلا.

وخلص الباحثون في كلية لندن الجامعية إلى أنه من الضروري أن يسمح أرباب العمل لموظفيهم باختيار أوقات العمل المناسبة لهم حتى يتسنى لهم أخذ قيلولة لمعاودة العمل بنشاط وزيادة الإنتاج.

وشملت الدراسة ألفي شخص من أولئك الذين لا يتمكنون من أخذ قسط من الراحة على مكاتبهم. ووفقا لنتائج مختبر جامعة مانشستر للأمراض العصبية فإن الذين تمكنوا من أخذ قسط من القيلولة كانت ذاكرتهم أكثر حيوية وأكثر قدرة على العطاء.

وأكد الباحثون أن غفوة في فترة ما بعد الظهر تساعد على تحسين الإنتاجية وتحول أفكار الناس لتكون أكثر إبداعا. وأظهر البحث أن عددا كبيرا من أصحاب العمل فشلوا في تشجيع الموظفين على أخذ فترات راحة مناسبة.

جريدة البشاير