رأي ومقالات

قال ابن خلدون (اما عن اهل السودان فقد عرف عنهم انهم اهل خفة وطرب)


احد أصدقاء الاسفير ..كتب مقالا عن حب السودانيين للحوم خاصة تلك التي لم تمسها النار ..في رواية أخرى (المرارة)…وربط ذلك بما ذكره الرحالة ابن بطوطة عن زيارته للسودان وانه وجد به قوما يأكلون لحوم البشر ..وتساءل الكاتب بذكاء خبيث هل ناكل النئ من اللحوم لان اسلافنا (على حد قول ابن بطوطة) كانوا مصاصي دماء واكلي لحوم بشر ؟؟؟ ..بقدر ما اضحكني المقال ..بقدر ما أثار أيضا تساؤلات كثيرة في ذهني عن صحة ما كتبه الاقدمون عنا …على سبيل المثال ..ما كتبه ابن خلدون في مقدمته الشهيرة …قال ابن خلدون (اما عن اهل السودان فقد عرف عنهم انهم اهل خفة وطرب )…اما الطرب فنحن اسياده ..ولا يستطيع احد ان يجادلنا في ذلك ..يكفي اننا قاربنا ان نصير بلد المليون مغني ومغنية .. رافعين شعار فنان لكل مواطن …كذلك نحن من ابتدعنا فكرة ان كل مسؤول يذهب الى مشوار رسمي لابد وان يكون معه فرقة موسيقية كاملة …يعني موضوع الطرب دا عرفناه ..أصل احنا (انطربنا ) واللي كان كان ….فما بال الخفة ينعتنا بها ابن خلدون !!. …بادئ ذي بدء .. ذهبت لابحث عن ما يقصده بكلمة الخفة ..اذا بها تعني (التعجل بالاتيان بالفعل من غير دراية وبدون دراسة عواقبه البعيدة ) .. قرأت هذا …ولمعت لمبة عبقرينو ….اذا بها تجد تفسيرا للعلة الازلية والمتلازمة السودانية …لو على كدا نحن أسياد الخفة ذاتها …واعتقد اننا تفوقنا على انفسنا فيها ..فلو كانت الخفة هي الاتيان بالفعل قبل دراسة عواقبه ..فنحن نحتفل بالامر قبل البدء به ..ماذا يعني ان تجري الاحتفالات لوضع حجر الأساس لمصنع او لشارع لم يتم انشاءه بعد …؟؟؟خفة دي ولا مش خفة؟؟ ….. ماذا يعني الاحتفاء بمجرد (الاتفاق) على بناء مصنع ما؟؟؟.. توقيع عقد شراكة؟؟ خفة دي ولا مش خفة؟؟ …. لا بل وصل بنا الامر ان نحتفل بوصول اجهزة طبية ..نعرضها في الساحة الخضراء ..نغني ونرقص حولها …كل هذا قبل ان تعمل الاجهزة او حتى تصل لمواقعها ..قل لي بربك ..أين يحدث مثل هذا في كل بقاع الأرض الا عندنا ؟؟؟ خفة دي ولا مش خفة؟؟…. يا متعلمين يا اولاد المدارس ؟؟؟ اخشى ما أخشاه ان تصل بنا (الخفة) الى درجة ان نحتفي بالنوايا ..ينوي مسؤول ما ..القيام بحفر بئر في الصحراء …فنصحو ذات صباح لنجد مانشيت عريض بالصحيفة يقول الاحتفال الرسمي بالنية المباركة لحفر البئر ..ومن ثم تعلق الزينات وتضرب المعازف ..وهايل هايل …..غايتو يا بن خلدون بالغت معانا …فقد شخصت المرض فعلا ولكن للاسف لم تصف لنا العلاج …اها التقلة دي نجيبها من وين؟؟؟ هل تباع عند احد العطارين ؟؟….من يصف لنا شرابا به (حبة كسبرة وحبة من غير كسبرة ) على قول عادل امام …نشربه فنصير كما بقية الشعوب ..تقيلة وراسية كدا …نعمل في صمت…وتتحدث عننا الانجازات وليس التمنيات !!!!. …اليوم نتخفف اكثر ونستعير بتصرف كلمات اغنية الراحل عبدالحليم حافظ .. (ومنين نجيب الصبر يا أهل الله يداوينا …اللي انكوى (بالخفة) قبيلنا يقول لينا )…وووصباحكم خير

د. ناهد قرناص


‫10 تعليقات

  1. للعلم لناهد قرناص:
    بلاد السودان عند ابن خلدون ليس هو السودان الجغرافي الحالي وانما هي المنطقة الممتدة جنوب الصحراء من المحيط الأطلسي في الغرب إلى نهر النيل في الشرق.

  2. قولي كلامك ده لزميلك الصحفي الرياضي بابكر سلك لانو الايام دي معسكر في المطار منتظر ااكاس قبل ما وصل دوري الأربعة

  3. سلمت يداك يا دكتورة على هذه المقالات خفيفة الظل ذات المعني و المغذى الجميل

  4. اسم سودان في زمن ابن بطوطة يطلق علي افريقيا بصورة عامة ولا يقصد به سودان اليوم والذي لم يكن قد تم ميلاده

  5. فعلا صدق ما نعرف الا الغنا و الرقيص..

    و حسع لو فتحت القنوات التلفزيونيه السودانيه بتلقى 90% منها بتغني…

    دايما بنحب الساهل و الرخيص (الملح)
    مابنحب التعب

  6. ماذا يعني ان تجري الاحتفالات لوضع حجر الأساس لمصنع او لشارع لم يتم انشاءه بعد …؟؟؟خفة دي ولا مش خفة؟؟ ….. ماذا يعني الاحتفاء بمجرد (الاتفاق) على بناء مصنع ما؟؟؟.. توقيع عقد شراكة؟؟ خفة دي ولا مش خفة؟؟
    ههههههههه دي ما خفة ولا طرب ولكن بعد الاحتفال يتسلم المسئول فاتورة مضاعفة لتكلفة الحفل ويصدق عليها يعني بزنس سرقة كيزاني

  7. السودانيين الجايب ليهم الخفة دي نفوسهم العصبية وسريعة الغضب عشات كدا تلقى السوداني عصبي المزاج ومتقلب ويدخل للامور بدون دراسة بس بالهاشمية وعشان كدا معظم قرارات وخطط المسؤولين عندنا بعد فترة تلقاها غلط ويكتشفوها بعد تكون مالطا خربت . فلو عالجنا العصبية في السودانيين وسرعة الغضب فبنكون عالجنا فيهم الخفة .. لان العصبية وسرعة الغضب تمكن الشيطان من الانسان ودا مدخل الشيطان اللي بيخلي الانسان طائش في قراراته وافعاله حتى لا ياتي لنفسه بفعل صحيح ينفعه . (إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا) .
    ومقال ما شاء الله في التنك زي ما بيقولوا .

  8. صراحة يا دكتورة مقالاتك رائعة جدا. فاكهة النيلين. الله إيديك الصحة و العافية. نصيحة:- لا تلتفي للإنتقادات لانها من أجل الإنتقاد فقط لاني أجد نفسي في عباراتك و مقالاتك الرائعة

  9. أذكر وفي عهد الراحل الفريق إبراهيم عبود – رحمه الله – كانت هناك صحيفة اسمها (الثورة وسعرها قرش واحد) يظهر فيها شعار (أحكموا علينا بأعمالنا – إبراهيم عبود).