حوارات ولقاءات

رئيس المجلس الوطني البروفيسور إبراهيم أحمد عمر في حديث الشفافية..الحوار الوطني لا يعني تعطيل برنامج الإصلاح


الذين يدعون لاستقلال الرئيس عن حزبه يخلطون الأوراق
الحوار الوطني لا يعني تعطيل برنامج الإصلاح
اهتمامنا الأول ماذا تم، وماذا يجري في الجهاز التنفيذي؟
مسألة إعادة المفصولين من الخدمة المدنية فيها إشكال
تجربة الحكم الاتحادي اتضح أن بها مشكلات
استمعنا للجموعية وسنستمع لرأي الهواوير، وفي النهاية الأمر لن يكون في يد قبيلة واحدة

أعاده التغيير الأخير لواجهة الأحداث من جديد، هو واحدٌ من أبرز رجال الحركة الإسلامية، وأحد مفكري الإنقاذ البارزين منذ بواكير ميلادها، عُرف باعتدال مواقفه، وعدم تردده في مناصرة الحق مهما كان الثمن، وفوق هذا وذلك لطالما اشتهر بالدقة والاهتمام بكل شاردة وواردة في أي أمر بين يديه، منذ تربعه على دفة قيادة البرلمان بانت مواقفه القوية، ووضع العشرات في بطون (الدولة العميقة) أياديهم فوق رؤوسهم من خوف ما ستحمله أيام هذا الشيخ العنيد.
(السياسي).. التقت بالشيخ البروفيسور إبراهيم أحمد عمر رئيس المجلس الوطني في حوار مطوّل، حمل طابع الرجل المميز طيلة سنوات عطائه في العمل العام، بالشفافية والوضوح والدقة المطعمة بهدوئه ولطفه المعهود فإلى تفاصيل اللقاء:

*أبرز الموضوعات الشاغلة للبرلمان والتي ستطغى على أعمالكم في المرحلة المقبلة؟
– جئنا وبين أيدينا برنامج انتخابي لرئيس الجمهورية والحزب الذي ننتمي إليه، وهو المؤتمر الوطني، خضنا الانتخابات على أساس هذا البرنامج وفيه بنود مفصّلة ولكن إجمالاً هي تسعى لتحقيق الوفاق الوطني وتسعى لخطوات تُعنى بقضايا معاش الناس وتحقيق السلام في الوطن وإنهاء الحرب إن شاء الله، وكذلك تسعى لأن يتقدم السودان في مسار التحضر والرقي، وأن تكون مشروعات التنمية ناجحة، وهكذا فالبرنامج الانتخابي طويل ومفصل، لذلك عندما نأتي إلى المؤسسات سواء أن كانت مؤسسات شرعية أو تنفيذية أو حزبية يكون هذا البرنامج نصب أعيننا ، وبالتالي في أي موقع من المواقع، وإذا سألت أهذا برنامج حزبي؟، أقول أصلاً في الديمقراطيات أي حزب يقدم برنامجه، والمطلوب إذا فاز الحزب، عليه أن يطبق برنامجه على كل الناس بالتساوي والعدل، إذا كانت هناك منافع لهذا البرنامج، وطبعاً عندما طرح البرنامج وفق المنافع تكون غير مختصة أو محصورة على الحزب الذي فاز وإنما على كل الناس بالتساوي والعدل ولمن يستحق، وهذا هو الفرق بين الكلام الذي يحدث أحياناً في بعض المواقع، إن الشخص المسئول الأول هو الرئيس، وهو ينتخب ويفوز ليكون قومياً، أما الذين يدعون لأن يستقل الرئيس عن حزبه فهؤلاء يخلطون الأوراق، الرئيس غير مطلوب منه أن يستقل عن الحزب، ولكن البرنامج الذي فاز على أساسه يجب أن يُطبق على جميع الناس، وأن لا يكون حكراً في منافعه على حزبه، وهذ هو المطلوب..، مطلوب ألا يخلط الناس بين برنامج الاستمرا ر في عضوية الحزب وتطبيق البرنامج الذي فاز به على جميع الناس، لأن المنافع في الأصل يجب أن تعم الجميع، لذلك هناك برنامج للمرحلة القادمة وهو بين أيديكم الآن.

*المشروع الأساسي الذي تتحدث عنه الحكومة ويتداوله الناس هو مشروع الإصلاح، وفي لقاءاتك أنت أشرت إلى الإصلاح والخدمة المدنية، ما هي أبرز عناوين الإصلاح الذي يتبناه المؤتمر الوطني في البرلمان في المرحلة القادمة؟
-دعني أوضح- أن هناك قناعة بأهمية الحوار وطرحه لكيفية أن يتم الحوار، وإنشاء مؤسسات لبداية الحوار، ما يكون هناك جديد لقضية الحوار أن يكون هناك علاقة سببية بين الحوار والتوافق والإصلاح، فقد تكون بمعنى أن الحوار يعد سببياً إلى التوافق والتوافق يؤدي سببياً إلى الإصلاح، ولكن نباهةً للربط السببي بين الحوار والتوافق والإصلاح،هو ربط شرط كفاية، ولكن من الخطأ أن يكون من الضروري لو مافي حوار لا يتم الإصلاح، لأنه يمكن أن يتم الإصلاح ولا يتم الحوار، فإن تم الحوار فإنه يقود للإصلاح، ولكن ليس إن لم يتم لا يؤدي إلى الإصلاح، ولنوضح أكثر كي لا يقول البعض إنني لا أريد الحوار، إذا بدأت مرحلة للحوار ومضت منه أشهر كثيرة ولديك حزب يحتاج إلى الإصلاحات هل هذا يعني أن نقول لا؟.. لا يمكن أن أرجئ إصلاحات إلى ما بعد الحوار، طبعاً هذا الكلام غير معقول.. وإذا كان لديك مؤسسات تحتاج لإصلاح مثل المجلس الوطني هل يمكن أن تؤجله إلى ما بعد الحوار.؟ هذا هو الربط الضروري الذي يجب على الناس أن تتفاداه، لأنه غير صحيح لأن الحوار شرط كفاية وليس ضرورياً، لذلك نقول أي إنسان في مقدوره أن يعمل للإصلاح في مجاله، سواء أن كان في حزبه أو مؤسسته، فلا يقول إلا بعد أن يتم الحوار، فالدولة فيها أشياء ومنافع كثيرة للناس، فإذا شعر الشخص أنه يمكن أن يصلح فليصلح، والحوار يستمر، وأهلاً وسهلاً به، ونحن معه لأنه يفتح الآفاق.
*أبرز القوانين التي ستجرى فيها التعديلات في الفترة المقبلة؟
-الفترة القادمة هي فترة أربعة أشهر تقريبًا.. أولاً: نطلب من الوزراء تقديم بيانات عن أداء وزارتهم في الفترة السابقة منذ بداية يناير حتى هذه الفترة لأنها فترة طويلة.. ونحن نحتاج إلى أن نتعرف على البرامج التي أُجيزت من قبل وماذا تم فيها؟، وهل مشينا فيها بصورة معقولة؟، وهل نحن مقصرون فيها أو حدنا عنها أو هناك واجب يفترض أن يتم ولم يتم، أو هناك شيء اختل من هذه البرامج؟, وهذا أهم شيء لدينا، إننا سوف نسأل الحكومة عن البرامج التي أجزناها هذا أولاً ، ثم بعد ذلك هناك حق عام (المال العام) نحن مسئولون عنه، هذه أشياء لا يفترض بها أن تكون برامجا حزبية، ولكنها برامج وزارية قدمت وأجزناها، وإذ رأينا خللاً في موقع ما، سوف نسأل عنه ونستدعي المسئول و(بنمشي نجيبو لأنو من حقنا نستدعي الوزير والمسئول ونسأله ماذا يجري عنده ولماذا)؟، لذلك يبقى هذا هو اهتمامنا الأول في الفترة القادمة، ماذا تم وماذا يجري في الجهاز التنفيذي.. ولدينا أيضاً لجان لديها علاقات دولية نود معرفة موقع السودان الدولي وكيف نساعد ونساهم مع جهات أخرى للتجاوب مع متطلبات المجتمع الدولي، حتى تتحسن صورة السودان ويفي بالتزاماته.. والسودان يكون حضوراً في المجالات الخارجية وهذه كلها البديات، وبعدها تأتي الميزانية لأن أهم قانون هو قانون الميزانية، لأنه يتحدث عن 2016م وهذا يحتاج منا لدراسة وتحضير، لذلك سوف ندرب له نواباً ونستجلب خبراء إن أمكن، حتى نناقش الميزانية نقاشاً عقلانياً وعلميا،ً وإن شاء الله نصل بها إلى الغاية المطلوبة.
*هناك انتقادات للخدمة المدنية، وقلتم في لقاءات سابقة إن هناك تعديلات ستُجرى فيها.. هل هذه المراجعات ستشمل إعادة مفصولي الصالح العام؟
– نعم الخدمة المدنية هي جزء من قضية الإصلاح والرئيس عندما طرح موضوع الإصلاح ذكر الخدمة المدنية، وذكر بأنه لابد من إصلاح فيها، وأعتقد أن الطريق السليم هو أن تدرس هذه القضية من قبل الدولة والحكومة، وأن تضع إصبعها على كل الخلل الموجود، حتى ولو أدى هذا إلى إعادة تعيينات أو إعادة مفصولين، لكن لابد أن تكون هناك مراجعة علمية دقيقة، طبعاً إعادة المفصولين فيها إشكال.. البعض يقول: إن هذا الشخص فات عليه الوقت ليكون مفيداً في هذا الموقع أو ابتعاده طال عن المواقع أو هناك شخص آخر، وعلى أي حال هذه قضايا تعالج في إطار ما تطرحه الحكومة من رأي ورؤية حول كيفية إصلاح الخدمة المدنية، ونحن لن نتدخل ونفرض على الحكومة أن تعمل كذا أو كذا، لكن الحكومة هي التي تشرع وتدرس الموضوع، نحن لا نريد أن يُفهم أننا أداة تنفيذ للحكومة، بل نحن نقوم بدور المراقبة للحكومة، لذلك في كل القضايا التنفيذية نحن نسعى إلى أن تأتي الحكومة برأيها، وإذا شعرنا بأن القضية ملحة والحكومة لم تقدم شيئاً تجاهها، عندها نقول للحكومة أن تقدم الحل في القضية الفلانية، ونحن ننتظر أن تقدم الحل وسننظر إلى هذا الحل، لا أن نبادر ونقول الحل كذا، بل نقول للحكومة أن تأتي بحلها ونحن نقضي في إطار السياسات أو الحقوق العامة والدستور والقوانين.
*هناك انتقادات واضحة لنظام الحكم الاتحادي، وهناك من يُحمِّل هذا النظام مسألة انتشار القبلية والجهوية، هل أنت من أنصار مراجعة هذا النظام؟ وهل أظهر هذا النظام خللاً كبيراً وإفرازات تحتاج إلى مراجعة عاجلة؟
-أيضاً هذا الموضوع مطروح في إطار الخطاب الذي قدمه رئيس الجمهورية وهناك تنسيق بين البرلمان ومجلس الولايات ورئاسة الجمهورية لمراجعة هذه القضية، رئاسة الجمهورية شكلت لجنة وهذه اللجنة ستقوم بوضع برنامج لمؤتمر حول الحكم الاتحادي ليستعرض كل ما تم فيه حتى الآن، وهل هو المطلوب أم هناك خلل وأين موقعه؟ حتى يعالج، لأن هناك تجربة أفرزت الكثير وهناك من أبدى ملاحظات عليها، وهذا المؤتمر سيتناول هذا الحكم وأنا قلت إن الطريقة المثلى لحكم السودان هو الحكم الاتحادي، لكن التجربة التي مرت علينا الآن من الواضح أن بها مشكلات ونحن أيضاً لا نريد أن نسبق هذا المؤتمر أو الحكومة التي أعلنت عن هذا المؤتمر وشكلت لجنة له، لذلك سنترك الحكومة تقوم بدورها وبعدها سننظر.
*هل تتفق مع من يقول إن هذا النظام أفرز القبلية؟
-قطعاً من الأشياء التي ظهرت في الفترة الأخيرة القبلية التي أصبحت واضحة جداً والجهوية كذلك، وحكاية أن الانتماء القبلي يؤثر على نظام الحكومة، واضح جداً خلال الفترة الماضية ولذلك لابد للناس أن يعيدوا النظر في كيفية احتواء هذا الأمر.. طبعاً نحن ضد أن تستقل القبيلة سياسياً بهذه الكيفية، لنصل بها في بعض المواقع، لذلك نقول إن المكونات الاجتماعية مثل القبيلة مثلاً لديها دور في حدود يجب أن تكون فيها، وعندها مجالات دخولها فيه مضر، ولذلك يمنع التعيين على أساس القبلية، ولكن لا يمنع التآخي على أساس قبلي وبالتالي هذه المؤتمر سيناقش هذه القضايا، إن مؤسسات مثل القبيلة أو ما دون القبيلة حتى من المؤسسات الشعبية والاجتماعية ما هي دورها في اختيار الحاكم أو قيادة الحزب، وبالتالي نقول إنه لابد لنا أن نعيد النظر في نمط هذا الحكم الذي أعتقد أنه الأمثل للبلاد، وكيف يبرأ من العيوب التي ظهرت فيه؟ وكيف نسير به إلى الأمام عبر تطويره وتجويده؟.
*هناك صراعات قبلية طاحنة في السودان ظهرت في السطح على أطراف الخرطوم.. ما هي جهود البرلمان حيالها خاصة وأن أعضاءه من كل قبائل السودان؟
– موقفنا في القبلية هو يجب أن لا تذهب بالناس إلى الاقتتال والاحتراب، وإن بعض المفاهيم القبلية في السياسة والملكية أدت إلى الحروب، وبالتالي يجب أن ينظر إليها نظرة الطبيب المداوي، و(نحن عاوزين نداوي هذه الأمراض).. أما ما حدث في شمال وجنوب أم درمان من اقتتال بين قبيلتي الجموعية والهواوير فنحن ذهبنا واستمعنا لرأي قبيلة الجموعية وغدًا لنا لقاء مع قبيلة الهواوير، وتكلمنا مع والي الخرطوم في هذا الأمر، وتحدث كذلك مع لجنة سابقة كانت مسئولة عن هذا الأمر كل ذلك في إطار سعينا في أن نضع حلولاً مع اشتراك الجهة المسئولة أصلاً، وهي ولاية الخرطوم بالاشتراك مع رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء عن قضايا الأراضي، لأنه وفي النهاية إذا أردت وضع قانون يحدد ملكية الأراضي يرضي الأطراف كلها هذا القانون لابد أن يأتي إلى المجلس الوطني ويجاز مع مجلس الولايات، لذلك نحن الآن مقبلون على الحل النهائي الذي يشمل كل أراضي السودان، فلابد من وجود قانون يوضح ملكية هذه الأراضي للدولة أو القبيلة أو للشيخ الفلاني أو الحوش الفلاني، فلابد من لوائح وأسس وسياسات واضحة في هذا المجال.
فيما يتعلق بقضية الجموعية والهواوير.. الجموعية متمسكون بترحيل الهواوير، ويرون فيه الحل الأمثل والأوحد، ونحن استمعنا لرأي الجموعية، وسنستمع لرأي الهواوير، وفي النهاية، الأمر لن يكون في يد قبيلة واحدة، بل هو قرار دولة متكاملة الأطراف، بها حكومة ورئاسة جمهورية وبرلمان ومجتمع متعايش، نحن استمعنا إليهم كما قلت ولكن الأمر يحتاج إلى أن نستمع إلى الطرف الآخر، وبالنقاش والقانون لو وجدت ألف قضية ستُحل إن شاء الله.

السياسي