حيدر المكاشفي

البرلمان وبنطلون سارة


في الأنباء أن الزميلة العزيزة الأستاذة الصحافية سارة تاج السر المحررة البرلمانية بالغراء صحيفة “الجريدة”، مُنعت من دخول البرلمان لارتدائها «بنطلون»، ولعلم القارئ العزيز لم يكن يوم منع الزميلة من دخول البرلمان هو أول يوم ترتدي فيه البنطلون، بل ظلت ترتديه منذ زمان ليس بالقصير، كما ظلت تمارس عملها بكل حرفية وكفاءة من داخل البرلمان وهي بهذا الرداء منذ مدة طويلة، دون أن يراجعها أو حتى يناصحها أحد، لا من البرلمان ولا من غيره، باعتبار أن رداءها هذا غير ساتر أو غير محتشم وخادش للحياء، وسبحان الله! فإن كل من يعرف سارة بجسمها النحيل وقدها الرهيف لن يجد لباساً يناسبها غير البنطلون، فأيما مقاس منه مهما كان ضيقاً سيبدو فضفاضاً عليها، فهي من نوع البشر الذين يصفهم بعض أهلنا بـ(الرقيق خيط الشلة)، ويطلق عليهم الفرنجة مسمى (slim). لهذا بدا غريباً هذا المنع المتعسف الذي لا يستند على حجة، اللهم إلا إذا كان البنطلون في ذاته ولو كان واسعاً وفضفاضاً من المحرمات، مع أن شوارع الخرطوم تعج بلابسات البناطلين من كل شاكلة ولون، بل إن منسوبات القوات النظامية المختلفة من النساء من الضابطات والرتب الأخرى يرتدين هذا البعبع المسمى بنطلون، فهل هو حلال هنا وحرام فيما عداه.
(الله يقطع البنطلون وسنين البنطلون)، هكذا جاءت ردة فعلي على آخر أخبار البنطلون، ثم تساءلت هل صار البنطلون عقدة جماعتنا هؤلاء وأُصيبوا بفوبيا البنطلون، ولماذا يصرون على معاداته وإعادة ذكراه كل حين، منذ تفجر أزمة بنطلون لبنى قبل نحو ستة أعوام وما جرته تلك الأزمة على النظام من حرج عالمي وما خلفته من ندوب سوداء على وجهه مازال يعاني آثارها، فقبل افتعال البرلمان مشكلته هذه مع بنطلون سارة، كانت جامعة الخرطوم قد افتعلت مشكلة سابقة مع بنطلون زميلة صحفية أخرى هي الأستاذة العزيزة فاطمة غزالي، حين منعتها من دخول حرمها بحجة ارتدائها بنطلون، فهل يا ترى أبت نفس القيادة الجديدة للبرلمان إلا أن تحيي ذكرى البنطلون وتعيدها سيرتها الأولى وتجعل منه قضية دولية مرة أخرى، تشغل بها الناس وتملأ الفضائيات، فإن كانت تريد ذلك سنتطوع بتذكيرها بطرف مما جرى عند تفجر قضيته أول مرة، ونختار من تلك المشاهد التراجيكوميدية فقط، تلك التي جعلت الحكومة تبدو في حجم السمسمة، بينما اسم لبنى يتردد على كل لسان وصورتها على كل الشاشات والمطبوعات، في “البي بي سي” و”السي إن إن” و”الأم بي سي” والفرنسية الأولى والفرنسية (24) والعربية والجزيرة وسكاي نيوز والقنوات الروسية والألمانية وغيرها، مما نعلم ولا نعلم من قنوات وفضائيات، وكذلك الصحف والمجلات، حتى إن الكثيرات غبطنها هذا الحال وتمنين لو كان حالهن قائلات (أريت حال لبنى حالنا).


تعليق واحد