مقالات متنوعة

محمد لطيف : أخطاء أسامة.. وخطايا الدولة


قبيل الانتخابات أبلغ رجل الأعمال المعروف أسامة داود الجهات المعنية في الدولة عن إضطراره لإيقاف مطاحن سيقا.. أو هي توقفت بالفعل.. تباين المفسرون والمحللون.. والمؤولون.. للموقف.. والمولولون كذلك في كل موقف.. نظر البعض في موضوعية البلاغ.. ونظر آخرون في سوء النية ومحاولة الضغط على الحكومة في ظرف دقيق.. دقيق هنا من الدقة كناية عن الحرج وليس منتجات سيقا.. الشاهد أن أسامة بين المطرقة والسندان دائما.. فهو إن انطلق في الإنتاج بأقصى طاقاته وصفه المعارضون برجل الأعمال الداعم للنظام.. وإن توقف عن الإنتاج وصفه الموالون بالمستثمر المناهض للنظام.. وكلٌ.. هؤلاء وهؤلاء.. يأكلون من خبز أسامة ويشربون من ألبانه.. حال كونه داعما أو مناهضا.. ولسبب من هذا فكل هؤلاء وهؤلاء لن يغيروا من حقيقة أن أسامة داود نموذج لرجل الأعمال الوطني الذي آثر البقاء داخل وطنه مطورا لقدراته موسعا من أعماله خادما لمجتمعه..!
ولكن.. وبغض النظر عن كل التعقيدات التي تعتور المشهد الغذائي ممثلا في القمح والدقيق.. فثمة إجماع بين المراقبين أن أسامة داود ومستشاريه قد وقعوا في خطأين كبيرين أحدهما تكتيكي والآخر استراتيجي .. وما كان لهم أن يقعوا فيهما.. الأول وهو خطأ تكتيكي.. وهو تحويل الأزمة.. أيا كانت أسبابها وتداعياتها.. إلى مواجهة بين أسامة من جهة.. وبين الحكومة والمستفيدين من الدعم الحكومي من جهة أخرى.. وأسوأ ما في هذا تمكين الحكومة من الظهور بمظهر المدافع عن مصالح المواطن.. في المقابل.. بالضرورة.. تصوير أسامة بمظهر المشغول بمصالحه فقط.. أما الأخطر أي الخطأ الاستراتيجي.. فهو ذلك المتمثل في توقف مطاحن سيقا عن العمل ولمدة ثلاثة أسابيع.. يضاف لذلك ما رشح من حديث أسامة مؤخرا عن أنه ولعدة فترات خلال العام ظل يعمل بما يوازي فقط خمسين في المائة من طاقته.. فماذا في هذا..؟ في هذا أنه رغم تراجع إنتاج سيقا.. بل وتوقفها لمدة ثلاثة أسابيع.. ظل السوق مستقرا إلى حد بعيد.. علما بأن التقديرات المتداولة حتى الآن أن سيقا تستحوذ على 60 % من سوق الخبز.. وهنا يثور سؤال محوري.. وهو إما أن ثمة تراجعا كبيرا في استهلاك الخبز.. لدرجة أن خروج 60% من الإنتاج لم يؤثر في الموقف.. وهو احتمال بعيد.. وإما أن استحواذ سيقا على 60% من سوق الخبز غير دقيق.. وبات محل نظر.. ولو لم تتوقف سيقا.. لما راجع أحد تلك النسب.. وفي كل الأحوال هي ثغرة فتحتها سيقا بنفسها..!
الجدل حول تعديل سعر الصرف لا يبدو منطقيا.. فالدولة حين اتفقت مع المنتجين على شراء الدولار بجنيهين وبضعة أقراش وبيع جوال الدقيق بمئة وستة عشر جنيها.. كان طن القمح عالميا يومها بأكثر من أربعمائة دولار.. واليوم حين ترفع الدولة سعر شراء الدولار إلى أربعة جنيهات مع الإبقاء على سعر بيع جوال الدقيق كما هو.. فالواقع أن سعر طن القمح عالميا لم يعد يتجاوز المائتي دولار إلا قليلا.. وفي رأي البعض أن الدولة مارست تمييزا سالبا.. وأخطأت حينها.. وهي من قننت ذلك الوضع.. كما قال أسامة وليس هو.. وفي تقدير الكثيرين.. أيضا.. أن أسامة داود بخبرته وذكائه وإمكاناته.. قادر على إعادة ترتيب أوضاعه.. بما يمكنه من الاستمرار في موقعه.. لا خصما على أحد بل إضافة للوطن.