صلاح احمد عبد الله

المأسورة.. وشعب الكورة؟!!


* منذ عدة أيام.. أراقب هستيريا انطلقت في كل مكان.. هوس كروي بصورة مبالغة.. الهلال فعل كذا ولم يفعل.. والمريخ أيضاً.. كل شعب منهما يقول إنه الأفضل.. وأن لعيبته هم الممتازون.. وأنهما من كبار أفريقيا.. وأية إدارة من الناديين تقول إنها الأفضل.. والأغنى.. والأجدر.. بتمثيل القارة في المحافل الدولية.. الناس (بعضهم) في تجمعاتهم حتى في نواصي الشوارع.. ووسائل المواصلات يتحدثون.. يتناقشون.. تنتفخ أوداج البعض.. يرغون ويزبدون.. وقد يتهورون ويمسك بعضهم بخناق بعض..؟!!
* أصبحت مناقشات الكورة (هلال مريخ) هي المتنفس للكبت والحرمان.. والجوع السياسي.. تذكرت زمن لم يكن الهلال يعرف أو يتأكد بأنه بطل إلا في أسبوع الدوري الأخير.. وكذلك المريخ.. كانت هناك فرق قوية تنافسهما وتهدد عروشهما في كل منافسة.. الموردة.. النيل.. الأهلي.. بري.. كان لعيبة هذه الفرق لا يقلون شأناً عن المستويات الأوربية أو الأفريقية.. وتعلم منهم العالم العربي الكبير.. كان لنا فريق قومي.. (أ).. (ب).. سافر إلى أركان الدنيا.. وحقق الكثير من الإنجازات والسمعة الطيبة.. لشعب نبيل وطيب من أقاصي الاتحاد السوفيتي (السابق).. وعلى امتداد القاراة الأوربية.. وعموم أفريقيا.. كان (يسند) الجميع في هذا الإنجاز؟؟ اقتصاد قوي.. وإدارة ذات (إرادة) حديدية..* من هم اللاعبون في ميادين اليوم..؟ ماذا يحملون من أفكار وعلى داخل أدمغتهم.. ليترجموه إلى نشاط بدني وعضلي يحقق الأمل.. ومن هم الإداريون؟ ومن أين نبتوا في هذه الأرض.. وهل يفهمون أساسيات الرياضة عموماً.. وكرة القدم على وجه الخصوص كلعبة شعبية عالمية.. أم أن (شهرتها) سلماً يرتقى من أجل شهرتهم.. وتجارتهم.. وتسهيلاتهم.. ومن ثم كسبهم اللامحدود.. والمرتجى من أسفار فرقهم..؟!!* ما هذا (السعار).. المحموم الذي انتاب الجميع.. وشغلنا حتى عن أساسيات الحياة.. وماهي الآلة الإعلامية الضخمة التي تقف من وراء تضخم أحداث هي أهون حتى على نفوس أصحابها.. وهل الغرض الحقيقي إلهاء الناس عن رؤية الحقيقة..؟!!* فرق أياً كان نوعها.. وبلدها.. أوصلت الهلال أو المريخ إلى هذا المنحنى من سباق البطولة.. وهل واقع الحال في كل مناحي الحياة عندنا يجعلنا نأمل في بطولة أي كان نوع هذه البطولة..؟!!
* اقتصاد قوي يعني شعب متعافي بدنياً.. أساسياته متوفرة.. شعب يعرف واجباته تجاه بلده.. قبل حقوقه.. وحقوقه يكفلها له دستور.. وضع له في وضح النهار.. بعيداً عن (ترزية) القوانين.. وفناني تعديلاتها.. المتعددة.. ويعرف أن الحرية هي أسمى غايات الحياة.. حتى لو تساقط شبابه في شوارع المستقبل.. من أجل حياة أفضل وكريمة.. يجد العلاج والتأمين والمياه النظيفة.. يدفع لحكومته ما تريد من ضرائب وجبايات متعددة.. بشرط أن يجد خدماته متوفرة.. أهونها كهرباء مستدامة.. وشوارع نظيفة.. صالحة لسير البني آدمين الأصحاء.. قبل السيارات..؟!!* والرياضة أياً كان نوعها.. أصبحت عالماً خاصاً.. وخالصاً له أساتذته.. وأكاديمياته ويا حبذا لو ملئت العقول علماً والأبدان تغذية.. لكان هذا هو المطلوب.. والمرتجى.. الجهل لا يصنع رياضياً مرموقاً.. وحتى لو نجح فإن سنين الممارسة تكون قصيرة.. لأن للشهرة بريقها.. وللبريق انحرافاته المتعددة والأمثلة على مستوى السودان أو حتى العالم.. كثيرة ومتعددة!!
* والإدارة.. أياً كان نوعها.. لابد أن تجيد صنعتها.. بفكرها وعلمها.. والإنسان يصنع الفكر والمال.. ولكن المال وحدة لن يصنع (فكراً) حتى لو أحسنت صياغته وبلافته.. لأن (تفصيل) الصناعة يكون واضحاً؟؟
* خلاصة القول أتعجب وأنا أستمع للجدل الدائر.. والفرح الكاذب.. والوقت المهدر.. والمال المقتطع من قوت (الأبناء).. والكهرباء (المستحلبة) من وهم السد؟!! والعيون التي قرحها سهر الانتظار للنتيجة.. أياً كانت.. وسهر قطرات المياه المرتجاة من الصنبور آخر الليل.. وبعض السيارات التي تزمجر في الطرقات بأبواقها العالية.. وتلك (المكاواة) المقيتة بين الخصمين اللدودين.. إذا هُزم أحدهما.. فرح الآخر وكأن هذا الآخر من كوكب آخر.. وبينهما تضيع عزة النفس.. وسلامة الوطن ومحبته..!!
* ولكن نحمد الله.. تبقى لنا النيل.. والصحراء وكنوزها.. والغابة وخيراتها.. ومعدن هذا الشعب النفيس.. (الأغلى).. من كل كنوز الدنيا.. وصحراء (سيبيريا) الثلجية..!!* ونسأل الله العافية.. من حياة كلها (مواسير)..؟!!
الجريدة


تعليق واحد