مصطفى أبو العزائم

تفكيك وتركيب هياكل الدولة


تحرص الجيوش على تدريب منسوبيها وجنودها فنون القتال، كما تحرص على تمرينات اللياقة البدنية، وتحرص أكثر على أن يتعلم الجندي فك وتركيب السلاح كأحد أهم التدريبات المطلوبة، وحتى يصبح السلاح نفسه جزءً من شخصية الجندي أو المقاتل، يسهل عليه التعامل معه ولا يفاجأ بما يمكن أن يذهب بكل تخطيطه هباءً منثوراً، حال حدوث خلل يتطلب معالجة سريعة حتى لا يفقد السلاح قيمته الميدانية والقتالية.
العسكريون من دارسي الاستراتيجيات هم أكثر الناس ولعاً بما يمكن أن نسميه بعلم الاحتمالات، وإذا حكم العسكر وكانوا من أهل الفكر العسكري والاستراتيجي يكون أكثر حرصهم على مراقبة أداء منظومة الحكم، حتى لا تتيبس المفاصل، وتتآكل الأطراف، لذلك نجدهم كثيراً ما يعيدون تفكيك وتركيب هياكل الدولة لضمان استمرار عملها، ولضمان استمرار نظام الحكم الذي يمسكون بخيوطه في ذات الوقت.
الساسة التقليديون ينصرفون في العادة إن وصلوا إلى مقاعد الحكم إلى البقاء فيها أطول فترة ممكنة، دون أن يلتفتوا إلى تنفيذ برامجهم السياسية أو تقسيمها إلى مراحل، وإذا وجد حزب ما أو تنظيم سياسي حلفاً قوياً مع القوات المسلحة، فإن قيادات هذا الحزب – في العادة – تعتبر أنها هي التي تمد نظام الحكم بالشرعية دون تقدير حقيقي وموضوعي لدور الجيش أو القوات المسلحة في بسط السيطرة وتأمين الدولة التي تكون الحكومة جزءً من مكوناتها.
العسكريون إذا استشعروا الخطر من قبل الحلفاء المدنيين أو بعضهم، انقلبوا عليهم وأبعدوهم وحملوهم كل المثالب والأخطاء التي وقع فيها النظام في فترة ما.
نحاول مراجعة ما سبق، وتطبيقه على الواقع السوداني، خاصة بعد الانتقادات اللاذاعة التي أطلقها رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير في وجه قيادات حزب المؤتمر الوطني.. ما حدث نعتبره بداية لنهاية مرحلة سياسية بخيرها وشرها، وبداية لدخول مرحلة جديدة أكثر انفتاحاً نحو الآخر، وأشد مواجهة لمراكز القوى السياسية والاقتصادية والمجتمعية وغيرها، التي تشكل تحالفات شبه سرية فيما بينها للسيطرة على الدولة.. وهياكل الحكم.
قراءتنا تقول: بأن مرحلة جديدة آخذة في التشكيل.. جديدة تماماً تحتفظ لكل مكونات المجتمع بمكانها في غرفة التحكم.. والقيادة.