مقالات متنوعة

منى عبد الفتاح : المرأة «السعودية» ناخبة ومنتخبة


الحديث عن مشاركة المرأة السياسية ذو شجون، ما فتئ يطربني في كل زمان ومكان، لصفتي الجندرية النوعية وصفتي المهنية والأكاديمية.
طربت من قبل لدخول المرأة السعودية مجلس الشورى وذلك في يوم التاسع والعشرين من صفر 1434هـ، الموافق 11 يناير 2013م، مما جعله يوما تاريخيا مميزا.
ثلاثون امرأة تم اختيارهن لدخول مجلس الشورى بقرار ملكي سام من الملك عبدالله بن عبدالعزيز، تتنزل على قبره شآبيب الرحمة والمغفرة.
كانت تلك ضربة البداية، والناظر في مسيرة السعوديات يرى أنهن كم أدين من واجبات عليهن كطبيبات وعالمات ونابغات كل في مجالها.
وتتمثل أبعاد هذا القرار في أنه لا يلغي التمييز بين المرأة والرجل فحسب، وإنما يحمل المرأة عبء الأمانة التي أبين أن يحملنها السموات والأرض.
آلم المرأة عند صدور ذلك القرار غمز البعض بأن دخول المرأة يحتاج إلى زمن لتصل إلى مرحلة المشاركة ولكن ها قد برهن أن هناك جزءا مملوءا من الكأس بطموحات المرأة بتفعيل مشاركتها السياسية.
ولو أنهن ركن إلى أن مجرد الدخول يعتبر إنجازا كبيرا لكان الرهان أكبر ولتفاقم حجم التحدي بضرورة كسر حواجز التباطؤ ووضع العراقيل.
لا يخفى على أحد أن المشاركة السياسية هي من أهم المبادئ الديموقراطية التي تسهم في تشكيل الدولة الوطنية الحديثة، التي تقوم على المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات، وهي جوهر المواطنة وحقيقتها العملية، فالمواطنون ذكورا وإناثا هم ذوو حقوق مدنية، اجتماعية، اقتصادية، ثقافية، سياسية، في إطار ما يعرف بحكم العقد الاجتماعي.
وهذه الحقوق التي ينبغي أن يصونها دستور الدولة وقانونها يتم التعبير عنها في هذا العقد ويصونها القانون الذي يعبر عن هذا العقد.
وبالتالي فهي تنعدم أو تقل في الأنظمة الاستبدادية والشمولية التي توصل المواطنين إلى مرحلة اللامبالاة وعدم الاهتمام بضرورة المشاركة من عدمها.
إن المؤثرات على المشاركة السياسية للمرأة بشكل خاص لها عوامل خاصة هي السلوك تجاه النوع الاجتماعي الناجم عن التنشئة الاجتماعية والمواقف والفرص.
ويتقدم على هذين المؤثرين عامل آخر هو الفروق بين الجنسين الذي قد يؤدي أيضا إلى أنواع مختلفة من المشاركة السياسية بين الرجال والنساء.
وهي أن المرأة أقل ميلا للانخراط في الحياة السياسية بسبب انخفاض وصولها إلى الموارد الاقتصادية والاجتماعية وافتقارها إلى الموارد السياسية مثل الاهتمام السياسي والمعلومات في العمليات الاجتماعية مثل التنشئة الاجتماعية بين الجنسين.
بالإضافة إلى ذلك تؤثر الفجوات بين الجنسين في مقدار المشاركة عبر الوسائط المختلفة، فمن الممكن أن تحدد الخصائص الديموغرافية والسلوكية المشاركة بشكل مختلف بين الرجال والنساء.
فإذا توفرت الموارد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بالمثل فإنها تعمل على تحديد مشاركة المرأة والرجل، أي إن مستويات مماثلة من الموارد تؤدي إلى مستويات مماثلة من المشاركة.
ومع ذلك، فإن العمليات التي تسهم في تميز «نوع الجنس» مثل مكانة المرأة في المجتمع، أو التعرض للضغوط الاجتماعية وبنفس الخصائص قد تنتج عنها نتائج مختلفة.
إن حصول النساء على مستويات أقل من الموارد الاجتماعية والاقتصادية يجعل من الصعب بالنسبة إليهن الانخراط في أي نشاط سياسي بشكل مكثف، وهو ما يحتاج إلى وقت ومهارات عالية من النشاط، خاصة في أنشطة مثل الحملات الانتخابية للمرشحين.
وقد ركزت العديد من البحوث في المقام الأول على الانتخابات، أو ما نطلق عليه في علم السياسة «أشكال المؤسسية» للمشاركة مثل التصويت، والعمل على الحملة الانتخابية، لأن هذه هي شكل من أشكال المشاركة الأصيلة.
وإذا كان يوم السبت 22 أغسطس الحالي يمثل يوما تاريخيا ثانيا بتسجيل المصوتين والمصوتات في الانتخابات البلدية، فإن ديسمبر المقبل يبدو واعدا للمرأة السعودية التي ستشرع لها أبواب المستقبل واسعة بدخولها العملية الانتخابية ناخبة ومنتخبة.
mona.a@makkahnp.com