الطاهر ساتي

خلونا في المهم


:: أشهر نكتة سياسية بعد سودنتها تُحكى على النحو الآتي ..بعد إجتماعهما المغلق، خرج بوش و بلير للصحفيين، فسألهما أحدهم : ( ما هي أجندة الإجتماع المغلق؟، وما القرارات المرتقبة)، فأجاب بوش : ( لا شئ غير إتفاقنا على قتل مليون مسلم وطبيب أسنان).. بعد فاصل من الدهشة، أعطت المنصة فرصة السؤال الثاني لصحفي آخر، فسأل : (من هو طبيب الأسنان المستهدف؟، وما جنسيته؟، ولماذا تقتلوه؟)، فمال بوش على بلير هامساً : ( أها، أنا مش قلت ليك الناس ديل طير ساكت، وما ح يشتغلوا بالمليون مسلم؟)..!!
:: وهذا حالنا منذ يوم التشكيل الوزاري لحكومة ولاية الخرطوم وحتى صباح (هذا اليوم)..نعم، منذ أسبوع، يكاد أن يصرف الوزير حسن إسماعيل عقولنا وأنظارنا (عما سواه)، ويكاد أن يتجاوز حدث تعيين هذا الوزير الولائي بحكومة ولائية دائرة الرأي العام المحلي لتملأ – كما قضية داعش – مساحات الفضاءات الإقليمية و ربما العالمية.. وفي خضم السجال والشتائم والمرافعات والإتهامات، لم يسأل رشيد القوم نفسه : من هو حسن إسماعيل الذي في أمره تسيل دموع الأقلام ودماء المحابر؟، فهل كان ملهماً لحد التفرغ لأمر تعيينه وزيرا بالمدح والهجاء ..؟؟
:: قبل سبع سنوات تقريباً، في حدث كهذا، كتبت عن (القيادة الملهمة)، بالنص القائل..لاتسمى القيادة بالملهمة ما لم تفكر بعقول الناس أيضاً، أي ليس بعقله فقط..وما لم تستشعر رغباتهم وطموحاتهم في الحياة..وما لم تطل أفكاره من نوافذ مشاعر الناس بسلاسة..وما لم تحس بألامهم وآمالهم..للقيادة الملهمة سحر في القول والفعل، ولايلقاها إلا ذات الحظ العظيم، وليس كل من (هبً و دبً)..قد تجد نفسك في صف القيادة ( بالصدفة) ، ولكن لن تمتلك سحر القيادة لحد الإلهام وإقتداء العامة بك ما لم تنظف قلبك وعقلك من ( الأنانية)، و ما لم تنظف أحلامك ومشاريعك من (الإنتهازية)..!!
:: فالعظماء هم الذين يزينون دفتر التاريخ بتحرير عقول الناس من زنازين (الجهل والخوف)، بيد أن الدهماء هم من يجتهدون في حراسة عقول الناس أمام زنازين (الجهل والخوف)..وكذلك القائد الملهم، يبقى متزناً و مشبعاً بطموح يتجاوز سقف الخاص الى حيث ترسيخ معاني الوعي في الناس والحياة..أي يكون عاشقاً للتحدي الذي يغير حياة الناس الى ( الأفضل والأمثل)..ولذلك يبقى في ذاكرة الحياة نبراساً يضئ مسارات الناس، وإن مات تراه حياً في طموح وطنك و شعبك ..!!
:: وأعلم – أيها الغاضب – بأن القيادة الملهمة ليست غايتها أن تحكم الناس حباً في حكم الناس والبلد، بل غاية هذه القيادة هي إستخراج أفضل ما في الناس ( أفكاراً كانت أوبرامجاً)، ثم إستغلالها وتسخيرها لخدمة المجتمع، بحيث ترث الأجيال (الأفضل دوماً)..وعليه، يبقى السؤال : ناهيكم عن المسار الجديد، فهل المسار السابق لهذا الوزيرالولائي الذي في أمر تعيينه تدور رحى المواقع (مدحا وقدحا)، كان قد بلغ من النضج الفكري والسياسي ما أوحى للناس بأنه (القائد المٌلهم).؟..إن كانت الإجابة ب (نعم)، فأغضبوا وأحزنوا لحد لطم الخدود وشق الجيوب .. وإن كانت الإجابة ( نفياً قاطعا)، فدعوه و ..( خلونا في المهم)…!!


تعليق واحد