اسحق احمد فضل الله

الحوار الاجتــماعي


> هذا خطاب استقالة.. استقالة من العقل.. نستريح منه ساعة ونجري قبل أن يلحق بنا ويركبنا.
> والقتال يبدأ بالخروج من العقل.
> والرقص يبدأ بالخروج من العقل.
> والحب.. والكراهية.. والحلم.. وال… أشياء تبدأ بالخروج من العقل.
> وهذه عريضة اتهام.. اتهام للمثقفين الذين ضللونا في الستينيات.. السبعينيات.. التسعينيات.. وحتى اليوم.
> الأمة الواقفة مكانها هي.. نحن.
> طعامنا منذ قرون هو هو.. كسرة وملاح و..
> بيوتنا منذ قرون هي هي.. بيوت «السبيق» وحين نتفلهم نجعلها من الطوب.. وحتى من الزجاج.. لكن الشكل في حقيقته هو.. هو.. سبيق روحي وفكري
> وملابسنا.. الجلابية.. لا تقل الجلباب.. فهي كلمة من عنطزة المثقفين اولاد ال….
> والجلابية ما لها.. لا عيب..
> وليس كل ما عندنا سيئ.. لم نقل.. ولا هو حلو.. وجرد الحساب يبدأ بالردم ثم الفرز.
> والجريمة التي تقتل البلاد منذ قرون ليست هي الجلباب ولا السبيق ولا.. الجريمة هي.
: جيش من الرجال الرائعين.. الرائعين نعم .. كلهم نمدحه «لأنه يستحق»!!
ـ يا للعقل.. يا للبطولة.. يا للذكاء.
> .. بينما؟!!
> بينما الرائعون هؤلاء هم.. في حقيقة الأمر، المخدر الذي يجعلنا نظن أننا نعيش في العالم.
«2»
> والأربعينيات الخمسينيات الستينيات وحتى قريب.. من يقود الثقافة والمثقفين عندنا هو.. مصر
> ومصر تجهل العالم.
> وفي الستينيات بعضهم يكتب قصة رائعة.. تصور الأمر.
> وأعمى يجلس في شرفة الطابق الأول لمستشفى يشعر بأحد يجلس على كرسي مجاور له.
> وفي الأنس الأعمى يطلب ممن يجلس بجانبه أن يصف له ما أمامه.
> وهذا يصف حديقة رائعة ويصف الشارع المزدحم.. ويصف اطباء المستشفى والعاملين.. وحكايات
> والأنس يمضي أياماً.. والأعمى يستمع يظن انه يرى العالم والآخر الذي يصف الحديقة والطرقات والناس هو.. أعمى.. يخترع الحكايات!!
> ونحن ومثقفونا الذين يصفون لنا العالم.. والسياسة والثقافة .. مثلها!!
> يخدعوننا.. ونصدق.. ولا نسعى للتغيير.
«3»
> ومن يسعى للتغيير/عادة/ هو من يشعر بأن ما عنده لا يكفي.
> والمثقفون يقتلون هذا الشعور عند السودانيين
> ويجعلون السجن.. اجمل ما في الارض.
> وعلى المك اشهر ما يشتهر به هو غرامه بأزقة ام درمان وبيوت الطين والمطر في الحارة وغناء الحقيبة..
> والعمى يصبح شيئاً غريباً حين يكون علي المك هو من أبرز الناس معرفةً بالعالم.. عنده خمسون او ستون كتاباً.. الكثرة منها ترجمات لمؤلفات عالمية.
> هذا من هناك.
> أنموذج للمثقف الغربي في السودان.. والمثقف الذي يعرف العالم.. ويعرف أننا نعيش خارج العالم.. وبدلاً من صرخة توقظ النائمين.. الرجل / مستخدماً موسيقى اللغة والكتابة الحلوة/ يظل يزيد السودان غمساً في الطين والسبيق الفكري والثقافي والاجتماعي.
> ومثله مثقفون على امتداد نصف قرن.
> وعبد الله الطيب من هنا يبقى عند مضارب عبس.
> ومثله ألف.
> وما بين هذا وهذا مثقفونا نوع من «القرع» الذي يطفو على سطح بحيرة العالم الهائجة.. كلهم طالع نازل.. لا أحد يقف لينظر أو يرفض أو يصرخ
«4»
> والنماذج.. على عتبات معرض الخرطوم للكتاب .. تسردها المجالس.
> وتسرد النماذج، لكل شيء.. السياسة.. الاقتصاد.. الاعلام..
> وعن السياسة والمثقف السياسي السوداني قالوا
: لا دولة تعين على نفسها مثل السودان.
قالوا: نعين كذا وكذا من حكام. ثم ينقلب علينا
«5»
> والحديث هذا عنوانه هو «الحوار الاجتماعي».
> والحوار الاجتماعي.. الذي ينطلق الآن.. يبدأ حين يسلب كل أحد من هدومه.. مثقفين وغيرهم .
> ويبدأ الحديث عن التمرد الذي يقتل الناس ويقتل البلاد علناً.
> ويبدأ الحديث عن المثقفين والإعلاميين الذين يقتلون البلاد والعباد.. سراً!!
> والحديث يبدأ حين يجعل كل واحد من الاحزاب يقدم كشف حساب عما فعل في عمره السياسي كله.
> ماذا فعل.. وماذا اكل فأفنى او اعطى فاقتنى.
> الحوار يبدأ بالمثقفين.. يواجهون تهمة.. الادلاء بمعلومات كاذبة.. وانتحال شخصيات كاذبة.. والشروع في قتل البلاد والعباد.
> وأهل الإنقاذ نوقفهم.. اما لهم او عليهم.
> والحوار يبدأ حين ينظر الناس إلى اجهزة الاعلام في الدنيا.. وفي السودان.
> في العالم اليوم الخبر لا يكتبه الا «مجموعة كاملة».. من المحررين كلهم متخصص في شيء مختلف.
> والمقال ما يكتبه هو «مؤسسة».. مؤسسة كاملة.
> بينما نحن..؟! بينما نحن؟! من يكتب الخبر في صحافتنا هو فلانة التي تعاني من كذا وكذا وفلان الذي لم يتناول صحن الفول.
«6»
> ونبدأ.. فأشياء كثيرة تبدأ اليوم.. الآن.. الآن.. إلى درجة تستطيع معها القول إن السودان يبدأ.
> وأمس الأول احد كبار اهل السياسة في السودان يعبر القاهرة متجهاً إلى آسيا وهناك حين يلقى «كل» قادة التمرد يقولون له بصدق حزين
.. العالم كله يقول لنا.
> لا مخرج لكم الا العودة للخرطوم.
قالها لنا ممثل الاتحاد الاوروبي وممثل امريكا .. وقالوا لا معونة لنا بعد اليوم.
> وأمس يقسم أحد كبار العارفين ليقول
.. أقسم.. السودان.. ستة شهور.. ويبقى حاجة تانية.. واسكت يا شيخ اسحق.. اسكت.
> ومثقف سوداني يقص أمام أربعين من الإعلاميين كيف انه في ألمانيا يلقى الرجل الذي قاد هجوم الفاشر مع عبد الله أبكر .. والذي كان هو البداية الكاملة للتمرد..
قال المثقف: الرجل في الحديث عن السودان يضع رأسه بين يديه وينفجر البكاء.
قال: عرفت متأخراً جداً أن السودان ليس هو البشير ولا طائرات الفاشر هي طائرات البشير ولا الذين قتلناهم عندهم ذنب..
> قال: والبشير ذاته لو كنا نعرفه ما فعلنا ما فعلنا
> شيء يتبدل.
> لكن ما لم نعرف العالم.. فلا تقدم.
> ونمضي في مرافعتنا ضد السودان … السودان .. السكران وضد المثقفين أولاد الــــ…
٭ من أرشيف الكاتب