مزمل ابو القاسم

عيشوا واقعكم


* بعيداً عن تداعيات النقد القاسي الذي وجهه الرئيس البشير إلى المؤتمر الوطني، وتخوفه من أن يتحول حزبه إلى (اتحاد اشتراكي جديد)، يزول بزوال سلطته، نقول إن ما رشح عن اجتماعات مجلس شورى الحزب الحاكم، لم يحمل أي بشريات مفرحة للشعب السوداني.
* أمَّن المجلس على خطوات رفع الدعم عن الغاز والقمح والوقود، وتمسك القطاع الاقتصادي للحزب (من ورائه وزارة المالية) بزيادة فاتورة الكهرباء، بحجة أن عائداتها ستحول إلى الفئات الفقيرة.
* رفع الدعم عن الكهرباء تحديداً لن يستفيد منه أي فقير، لأن حساب كلفة الطاقة يدخل في أسعار كل السلع.
* حتى المنتجات الزراعية والحيوانية ستتأثر أسعارها سلباً بزيادة فاتورة الكهرباء، التي تحرك كل شيء.
* انهارت أسعار النفط من مائة وعشرين دولاراً إلى أقل من أربعين، وما زال القطاع الاقتصادي للمؤتمر الوطني مستمسكاً (بفزاعة) رفع الدعم عن الوقود، وأكاد أجزم أنهم سيستمرون في ترديد ذلك الحديث، حتى ولو انخفض سعر برميل البترول عالمياً إلى دولارٍ واحد.
* تقرير أداء النصف الأول من موازنة العام الحالي كشف عن ارتفاع عجز الميزان التجاري إلى (2.1) مليار دولار، مقارنةً بـ(1.2) مليار للفترة نفسها من العام المنصرم، كذلك ارتفع الإنفاق الحكومي من (26) مليار جنيه، إلى (29) ملياراً.
* الأرقام تشير إلى علاقة عكسية، تربط عجز الموازنة بالصرف الحكومي.
* كلما ازدادت خزانة الدولة خواءً، ارتفع معدل صرف الحكومة عل نفسها!
* قيمة الزيادة بلغت ثلاثة تريليونات جنيه (بالقديم) في نصف عام، برغم الحديث المتكرر عن الاهتمام بتحسين ظروف معيشة المواطنين، وتخفيف وطأة الغلاء عنهم، ومساعدة الفئات الفقيرة منهم.
* إذا استمر المعدل الحالي فإن الزيادة التي ستطرأ على الصرف الحكومي ستبلغ ما يوازي مليار دولار (ستة ملايين جنيه بالجديد) بنهاية العام.
* مليار دولار، كان توفيرها سيدعم خزانةً خاويةً على عروشها، ويوفر الكثير من الخدمات الأساسية لمواطنين سحقهم الفقر، وأثقل خطاهم الغلاء.
* عن أي استشعار للمعاناة، وعن أي تخفيفٍ تتحدث حكومةٌ ترفض أن تعيش واقع شعبها، وتصر على إهدار المال العام في بذخٍ حكومي يرتفع كلما تحدث المسؤولون عن ضغطه، ويزداد كلما تشدقوا بتخفيضه؟
* قبل فترة وجَّه الرئيس كل المسؤولين في الحكومة بالاستغناء عن سيارات الدفع الرباعي، واستخدام عربات جياد، ذات الكلفة المنخفضة، والصرف الاقتصادي للوقود، ولم يتم تنفيذ القرار الرئاسي حتى اللحظة.
* ما زال الوزراء والولاة والمعتمدون وكبار رجالات الدولة (وحتى صغارهم) يمتطون سيارات ضخمة وفخمة، تبلغ قيمة الواحدة منها أكثر من مليار جنيه (بالقديم).. لتحرق وقوداً غالياً تتحدث الحكومة عن تحرير أسعاره، ورفع الدعم عنه، ليدفع فاتورته فقراء ومسحوقون يستخدمون وسائل نقلٍ عامة، ترتفع تعرفتها كل صباح.
* عيشوا واقع أهلكم، وتحسسوا معاناة مواطنيكم، وكفوا عن إهدار المال العام في ما لا يخدم الصالح العام.