جمال علي حسن

لو أراد عبد الرحيم أن ينجح


من المهم جداً أن يعرف والي الخرطوم وتعرف حكومته أنهم جاءوا بعد مرحلة كان جسد ولاية الخرطوم قد تعرض خلالها لعدد كبير من العمليات الجراحية الخطيرة، والتغييرات والتعديلات، التي كانت في محصلتها تعبر عن غياب الرؤية الكلية والتخطيط العلمي.. والوصف لها بأنها كانت محض تجارب لم تخضع للدراسة المطلوبة قبل الشروع في تطبيقها.. تخبط مستمر في القرارات والسياسات، بعضها أصاب لكنها كانت في معظمها اجتهادات غير علمية وغير مخططة بدليل التراجع عن الكثير من تلك الأفكار والقرارات بعد الشروع فيها والإصرار على تجريبها وتطبيقها.
ولو أراد الوالي عبد الرحيم أن يقدم لنا مثل هذا النوع من الأداء والاجتهاد غير العلمي والاكتفاء فقط بما تقدره المصادفات.. لو كان هذا هو الطموح فليستمر على النهج القديم ولينتظر في مكتبه نتائج الصدف ويترك المعتمدين والوزراء يجتهدون فينا في حدود خواطرهم وأفكارهم الخاصة، أما إذا أراد فعلاً أن يقدم أنموذجاً مختلفاً وتجربة أداء تنفيذي متكامل وعلمي ومثمر فليس أمامه إلا الاعتماد على خطط مدروسة وبرامج مفحوصة وعمل تنفيذي علمي يلتزم فيه الطاقم التنفيذي بمهامه الحقيقية حسب المسمى (التنفيذ) وليس التنظير وابتداع الأفكار الفقيرة والواهنة واللحظية التي تنتهي صلاحيتها قبل أو بعد انتهاء صلاحية وفترة وجود المسؤول الذي يقوم بتنفيذها.
ولو أخذنا مثالاً، ملف المواصلات العامة نجد أنه قد تم اجتهاد كثيف وتعديلات وتبديلات واستجلاب لبصات ووسائل مواصلات معظمها الآن مكومة في مقابر جماعية عبارة عن أكوام من حديد الخردة المتعطل عن العمل، وكذلك مواقف المواصلات التي تم الصرف عليها والتغيير في هيكلها مليون مرة خلال سنوات قليلة ولا تزال المشكلة قائمة ولا تزال الفكرة ضائعة لأن كل هذه الاجتهادات لم تكن اجتهادات مدروسة بل مجرد أفكار فقيرة الخيال مدفوعة بحماس تتداخل فيه مصالح البعض الخاصة ممزوجة بعوامل أخرى ترتبط بضعف كفاءة هذه الأفكار وكفاءة أصحابها ومنفذيها فتكون المحصلة النهائية تضييع وقت كبير وتبديد أموال عزيزة للحصول على نتيجة الصفر.
ملف آخر مثل ملف الصحة وصحة البئة والاستعداد لمواسم الخريف والصيف بأمراضها وأوبئتها، نجد كذلك كماً هائلاً من القرارات والتوجيهات والاجتهادات العليلة تقودنا في نهاية المطاف إلى نفس الصفر.
مياه الخرطوم كذلك، لو جردنا حجم الاجتهادات والتصريحات والوعود القاطعة – غير المحققة – بإنجازها ندرك حجم أزمة عدم التخطيط السليم وعدم توفر الرؤية العلمية في العمل.
وحين طالعت خبرا حول قرارات معتمد الخرطوم وأفكاره المعلنة للتنفيذ حول هيكلة المواصلات شعرت بأن غياب التخطيط لا يزال قائما.. وأننا يا زيد لا رحنا ولا جينا..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.