مزمل ابو القاسم

محليات الجبايات


* حرصت بالأمس على حضور ورشة العمل القيّمة التي نظمتها حكومة ولاية الخرطوم بحضور الوالي، تحت عنوان (دور المعتمد بين التحديات والواجبات)، واستمعت فيها لحوار مثمر، ووجهات نظر بناءة، أتت من وزراء ومعتمدين سابقين وحاليين، وبعض كبار الضباط الإداريين في الولاية.
* بدءاً نذكر أن الحكم المحلي يمثل أحد أهم مستويات الحكم الواردة في دستور السودان الانتقالي، الذي قسم أنظمة الحكم إلى ثلاثة مستويات، (اتحادي وولائي ومحلي).
* المستوى الاتحادي مطبق بالكامل، ومستوف لشروط وأنظمة الحكم بسلطاته الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية.
* الحديث نفسه ينطبق على المستوى الولائي، الذي يتوفر على أجهزة تنفيذية (حكومات الولايات)، وسلطة رقابية تمثلها المجالس التشريعية الولائية، وسلطة قضائية ولائية، أما المستوى المحلي (المحليات)، فما زال يحلق بجناحٍ واحد، يمثل السلطة التنفيذية فقط، بمعزل عن أي أجهزة تشريعية ورقابية للمستوى ذاته.
* في تلك الجزئية يكمن الخلل المصاحب لأداء المحليات، لأن المعتمد يحكم محليته من دون أي نظام تشريعي يراقب أداءه، ويقوم اعوجاجه، ويقر التشريعات المحلية، ويحاسب المقصرين.
* أكبر مساوئ مستوى الحكم المحلي يتمثل في تحول المحليات إلى أجهزة للجباية، على حساب دورها الأساسي، والمحصور في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين (من مستوىً أقرب).
* تتولى حكومات الولايات تحديد ربط سنوي لكل محلية، فتتحول المحلية إلى أداة جباية، تلاحق المواطنين، وتلح في جمع الأموال منهم، بحجج متنوعة، وأساليب فظة، من دون أدنى مراعاة لحدود إمكانات المحلية، وقدرات مواطنيها، فيطغى الاهتمام بالجبايات على الخدمات.
* في ولاية الخرطوم مثلاً، يبلغ الربط المقدر من الجبايات على المحليات السبع مبلغ ستمائة مليون جنيه، تمثل أقل من عشرة في المائة من موازنة الولاية ككل.
* بمقدور حكومة الولاية أن تتولى أمر التحصيل بالكامل، وتبعده عن المحليات ووحداتها الإدارية، كي تتفرغ الأخيرة لأداء دورها الأساسي في خدمة المواطنين، بدلاً من (حلبهم) كيفما اتفق!
* الاهتمام بتحصيل رسوم الرخص التجارية والعوائد والأطيان فاق الاهتمام بخدمة المواطنين، علماً أن المحليات تستطيع أن تجني أضعاف ما تحصل عليه حالياً، لو اهتمت بملاحقة المخالفين لأنظمة الولاية.
* كل من يشغل الطريق بمخلفات أو مواد بناء ينبغي أن يعاقب بالغرامة.
* أي سائق يغسل عربته في الطريق العام يجب أن يُغرَّم بصرامة.
* لو دخلت محلية الخرطوم المنطقة الصناعية الواقعة في جبرة فستجني مليارات الجنيهات في ساعات، من غراماتٍ توقع على الورش العشوائية التي تستخدم الطريق العام في أعمالها، ومن عوائد الغرامات الموقعة على شركات الخرسانة الجاهزة التي تفرغ بقايا سياراتها في عرض الطريق، وتستخدم الشوارع لخلط الخرسانة بلا تصديق.
* أعيدوا للمحليات دورها الطبيعي (والدستوري)، كي تتفرغ لخدمة المواطنين، بدلاً من تحويلها إلى أدوات جباية، تلاحق المنتجين، وتبالغ في فرض الرسوم على صغار التجار والحرفيين، فتجبرهم على التوقف عن العمل، لترفع معدلات العطالة في البلاد.