احلام مستغانمي

الجزر.. حريم البحر ! (1)


الجزائر جمع جزيرة، ولكن ليس لهذا السبب وحده أحبّ الجزر، بل لعلاقتها الملتبسة مع البحر، الذي رأيت فيه دوماً صورة للرجل الشرقي بفحولته وغيرته وتقلبات مزاجه.. وانتقامه الذي لا يعرف الرحمة.
منذ متى يُؤتمن البحر على جزيرة؟
فما بالك بجزر عزلاء سلّمت أمرها لمولاها البحر. بعضها كانت مطمئنة إلى وجودها في حوض محيط صدّقت أنّه «هادئ».. فغدرها. أكان عليها أن تحذر هذا الكائن «الهادئ» بالذات الذي لم يترك جزيرة ممّن ملكت أيمانه إلا وعاث فيها خراباً ودماراً؟
كيف لجزر تقع على حواف الصفائح الأرضيّة، داخل حلقة النار التي يحيط خصرها زنّار من البراكين الجوفيّة، ألّا تُغري البحر بممارسة نزعاته السادية بابتلاعها ذات صباح مجنون من صباحات التسونامي، أو إشعالها من جديد في ليلة حمراء، شهدت فيها الأرض زواجاً «مناف للطبيعة» بين الثلج وبركان، فأنجبا من حممها سحابة بركانيّة شلّت حياة نصف الكرة الأرضيّة..
هكذا أعلن البحر على الملأ عقد قرانه على آيسلاند!
فالبحر، ليس رجلاً جباناً، ولا عريساً مسياراً، هو أكثر شجاعة من أن يقبل بزواج عرفي، أو بعقد سريّ مع أنثاه. حين يضمّ جزيرة إلى حريمه لا خبر يغطّي على خبر زفافه. إنّه يتزوّجها و«يعاشرها» ويدمّرها بشهادة وعلى مرأى من سكان المعمورة. فليذهب الأثرياء الذين يقيمون أعراسهم على مدى سبعة أيام وسبع ليال إلى الجحيم. أعني إلى جحيم آيسلاند، ليروا أنّها وحدها أعراس البحر تصنع الخبر العاجل على مدى شهر وأكثر!
المقاولون الذين استثمروا ثرواتهم في الجزر الخلابة كان عليهم أن يطلبوا من البحر يد كلّ جزيرة على حدا قبل أن يسلّموها منتجعاً إلى السوّاح. لم يدركوا أنّ البحر رجل شرقيّ لا يقبل في الحبّ شراكة. ولأنّهم لم يروا شواربه المفتولة على طريقة جمال سليمان في «حدائق الشيطان» فقد أخطأوا في حساباتهم.( يتبع )