الطاهر ساتي

إنها الإدارة ..!!


:: مساء الأحد، مرافق يطلق النار على المدير الطبي المناوب بمستشفى بحري وبعض كوادره الطبية عند إخطاره بوفاة مريضه.. رحم الله المتوفي، وحمد لله على سلامة الطبيب المناوب وكادره.. فالحادث مؤسف، ولكن الأعمق أسفا هو تعليق البعض ببعض مواقع التواصل الإجتماعي عندما نشرت وزارة الصحة إستنكارها للحادث.. إذ قال لسان حالهم : ( الدكاترة حقارين ويستاهلوا)..مثل هذ الحُكم المطلق معيب، ولايصدر إلا من الجهلاء و الفاقد الأخلاقي.. للأطباء علينا دين مستحق، أوهذا ما يجب أن يكون راسخاً في ثقافة المجتمع.. !!
:: وللأسف، فالعلاقة بين الطبيب والمرافق في بلادنا كما العلاقة بين الطالب والحرس الجامعي، شد وجذب..ولهذا يُبرر البعض مثل هذا الإعتداء.. مهما كانت الأسباب، ما لم يكن هو البادي بالإعتداء، لايُوجد إنسان على ظهر الأرض يستحق ( الإعتداء عليه)..أي حق الدفاع – فقط لاغير – هو شرط الإعتداء على الآخر، طبيباً كان أو غيره ..وما عدا هذا الحق المشروع، فالمحاكم هي الفيصل وكذلك المجلس الطبي .. ولكنها ثقافة الغابة ومناخها، لحد الدخول إلى المشافي بالأسلحة لإطلاق نارها على الأطباء ..!!
:: لو كان هذا المعتدي يعلم راتب طبيب المشافي العامة – و عدد ساعات عمله لسد العجز والتردى المسمى مجازاً ببيئة عمله – لما ذهب إليه بمريضه ( إشفاقا عليه)، وناهيك بأن يفكر في إطلاق الرصاص عليه..ومع هذا، لن نغفل سوء الإدارة..كيف يدخل المواطن، نظامياً كان أو مدنياً، إلى المستشفى بالسلاح؟.. إنه بؤس الإدارة.. نعم، بؤس الإدارة بالمشافي هو مدخل العنف وأهم أسباب الإعتداء على الأطباء و كوادر التمريض.. غير تكدس العنابر بالمرافقين، يأتي المرافق بمريض في حالة طارئة، ولا يجد المُرشد الذي يجب أن يأخذ بيد المريض ويذهب به إلى الطبيب المناوب..وناهيك عن هذا المرشد الغائب – والمغيب – في كل مشافي البلد، بل كثيرا لا يجد المريض ومرافقه حتى الطبيب المناوب.. ومن هذه اللامبالاة والفشل الإداري، يبدأ غضب المرافق ويتصاعد لحد الإعتداء ..!!
:: أزمة إدارة المشافي ذات جذور لا يمكن إستئصالها إلا ب ( إنقلاب كامل )..إدارة المشافي – وهي فرع من علوم الإدارة – صارت علماً يُدرس بالكليات والمعاهد العليا.. ويتخرج خريجها – بعد سنوات التعليم النظري والعملي – بكيفية إدارة المرفق الصحي بكامل التجانس والتنسيق مع الفريق الطبي العامل بذات المرفق..ولكن هنا في السودان – والحمد لله على كل حال – يبدأ إستشاري أمراض القلب يومه : ( يا حماد إقفل باب الزوار)، ثم يواصل : ( يا حسين أكنس العنابر) و ( يا حمدان طلع الزوار)..هكذا يغرق علماء الطب في بحر الأوامر الإدارية – طوال ساعات العمل – بصفاتهم الإدارية..!!
:: وبالتمادي في ترسيخ هذا (النهج المتخلف)، تكون أوجاع الناس والبلد قد فقدت نطاساً بارعاً في (عالم الطب)، وذلك بتحويله من (إختصاصي شاطر) إلى ( إداري فاشل)، لحد العجز عن حماية كوادره من حملة (المسدسات) و(العكاكيز)..تواضعوا أيها الأطباء وإعترفوا بأن مشافينا كما تعاني من أزمة المال، تعاني أيضا من أزمة إدارة متخصصة تدير المشافي (كما يجب )..فعندما تتحول عنابر المشافي – وردهاتها – إلى قرى وأسواق بحيث لا تميٍز المريض عن المرافق، فلا نتوقع غير المزيد من ( ثقافة الغابة)..!!


تعليق واحد

  1. بالمناسبة أخي الطاهر في السودان لا فرق بين الطبيب والمهندس والعربجي. سبحان الله انا ما قادر أفهم أي طب درس هؤلاء إذا كان من ابجديات الوقاية من الأمراض هي على الأقل النظافة – نظافة الجسم ونظافة الملبس والمسكن ومكان التغوض (ان صحت الكلمة). ذهبت في احد المرات مع أحد أقرابي وهو بالمناسبة طبيب عمومي ذهبنا معه كمريض لمقابلة إخصائي أو ستشاري ( في السوداني الألقاب بالمجان ولا علاقة لها بالملقب) المهم دخلنا على العيادة وصدقني أخي الطاهر أنا شخصيا تركت مريضي وهربت لأنه تأكد لي بما لايدع مجالا للشك أذا لم اخرج من هذه العيادة وباسرع ما تيسر سوف ألتقط لي عدوى وانا جاي إجازة. وسخ مبالغ فيه ورائحة كريهة أنا شخصيا لو مت بالجوع لن أقبل لنفسي أن أعمل في هذا المكان. يعني هل وصل تبلد احساس هذا الاخصائي بحيث أصبح يتساوى عنده هذا الوسخ والعفن مع النظافة. هل لا يملك هذا النطاس ثمن شراء علبتين من الدهان ليصبغ بها جدران العيادة. هل لا يستطيع أن يدفع لأي إمراة راتبا بائسا لتنظيف عيادته. المهم أنتظرت خارج العيادة حتى خرج مريضي والذي كما ذكرت هو أيضا طبيب بس عمومي المهم ما سألني لأنه عرف السبب – ولكن تعال شوف أم المصائم مريضي الطبيب عندما خرج من العيادة كامنت هناك إمراة تعمل في الشاي جلس الطبيب أمامها وقال لي خلينا نشرب لينا شاي قبل ما نمشي الصيدلية. لم يفكر هذا الرجل كم واحد استخدم هذه الكباية وهل هذه المرأة تقوم بتنظيف وتعقيم هذه الكبايات وماذا عن الغبار الذي يحيط بالمكان المهم يا جماعة الموضوع خربان من أطبائه فكيف تستنكرون على انسان لم ينل أي حظ من التعليم أن يتصرف غير التصرف الذي تصرفه. أنا شخصيا كان ممكن أتصرف بنفس هذا السلوك لأنه ما في فرق بين الطبيب والعربجي