منى ابوزيد

في القدور والاواني ..!


«المواطن الجاهل لا تعني المواطن غير الفعال، بل تعني المواطن الفعال في الاتجاه الخاطيء»
الصادق النيهوم ..!
(1)
ظاهرة اقتصادية جديدة بدأت تغزو مجتمعنا المحلي تحت مسمى «قروض الزواج»، روجت لها بعض البنوك، وباركها شباب كثُر مقبلون على الزواج، لا لتأسيس عش الزوجية أو لترقيع ثقوب الميزانية – كما قد يتبادر إلى بعض الأذهان – بل لمجاراة أسعار تكلفة الولائم وإيجار الصالات وسيارات الليموزين ومراكز التجميل!.. هذه – بكل تأكيد وأسف – إحدى صور استهلاكية عديدة تغولت على العقول قبل الجيوب فباتت تستحق الدراسة.. معظم الأسر السودانية المحسوبة على الطبقة المتوسطة تعيش اليوم بمنهجية الأقساط والديون لبناء مظهر اجتماعي يفوق مستوى الدخل الحقيقي، والسبب – بكل نزاهة وصراحة وحياد – هو رضوخ معظم الرجال لمطالب معظم النساء!.. فطموح الحبيبات والخطيبات والزوجات المتطلبات هو الوجه الآخر لتاريخ ديون الأسرة، والدليل على ذلك أن قيمة المهر – كسبب رئيس للقبول أو الرفض – بقيت حاضرة على مر العصور، كلما تقدم رجل للزواج من امرأة، منذ عهد «قرابين» قابيل وهابيل وحتى آخر زيجة قبل نهاية التاريخ.. على كل حال، وبعيداً عن تورط المرأة في تأنيث الإعسار، تبقى الديون في مجتمعنا – محدود الإنتاج كثير الاستهلاك – القاسم المشترك الوحيد والطريف في علاقة الأغنياء بالفقراء.. ويا له من «قاسم»، ويا لها من «قواصم»..!
(2)
في ولاية القضارف تم افتتاح فرع خاص لمعالجة ضحايا العلاقات العاطفية والزوجية بمركز يختص بضحايا العنف والصدمات والعلاج النفسي.. المركز – بحسب القائمين على أمره – يقوم بمعالجة الندوب النفسية الناتجة عن فسخ الخطوبة والطلاق.. إلخ.. ويساعد المقبلين على الزواج في العبور بسلام على صراط الاختيار.. جميل حقاً وجيد جداً أن بعض المختصين بشؤون الأسرة قد نجحوا في إنشاء مركز متخصص في الاستشارات الاجتماعية للحد من المشاكل التي تهدد استقرار الأسرة السودانية.. أما الاقتراح الذي يشد من أزر الفكرة فهو تضمين مناهج المعاهد والجامعات مقررات تثقيفية للمقبلين على الزواج، كجزء من إجراءات التوعية الوقائية التي تساعد في الحد من تفاقم الأعراض المصاحبة لمتلازمة الوقوف الفوري على أعتاب الطلاق.. فضلاً عن مشكلات ما بعد النهايات غير السعيدة، وما يحتاجه ذلك من دعم نفسي.. فلا بأس أبداً في استيراد بعض الحلول التي أثبتت جدواها عالمياً.. مع بعض التعديلات اللازمة، وبما يتناسب وخصوصية بعض المجتمعات، ولا ضير يذكر من انتهاج شيء من التجريب والتغريب في اقتراح بعض الحلول، والتي هي – في تقديري – أجدى نفعاً وأكثر حفظاً لأسرار البيوت من معظم أجاويد هذا الزمان..!
(3)
أخطر مشكلات بعض الزوجات المثقفات.. المستنيرات.. الأكاديميات.. إلخ.. إلخ.. هي هزيمتهن لأنفسهن بأنفسهن بسلاح التناقض، فهن من جهة يحاربن الأفكار التقليدية التي تختزل قيمة الزوجة في صورة امرأة جميلة ومطيعة، وخادمة وطاهية مجيدة، لكنهن من جهة أخرى يجارين – طائعات مختارات – مؤامرات «التشييء» و«التسليع» و«التسطيح» التي يتهمهن الأزواج عادة بالوقوف خلفها!.. فيدخلن إلى ساحات المعارك الزوجية بأظافر مطلية، ووجوه مصبوغة، وأفكار متمردة، وعقول مذعنة تماماً لمقاييس الفهم التقليدي للمرأة «ناقصة العقل والدين»، التي تختزل حقوق المرأة في المطالب التعجيزية من جهة، والتمرد على الواجبات التاريخية من جهة أخرى.. والنتيجة تنازع غير منطقي في الأفكار والمعاني، وقطيعة غير مبررة مع القدور والأواني..!


تعليق واحد