عبد الباقي الظافر

تعيين مدير..!!


وضعت الأستاذة درو جلبين فوست خطين أمام راتبها في العرض المقدم من جامعة هارفارد ..ستشغل السيدة فوست منصب رئيس الجامعة مقابل تسعمائة ألف دولار سنوياً..هذا أكثر من ضعف مرتب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.. ولكن زميلها السيد روبرت زيمر رئيس جامعة شيكاغو يتقاضى مبلغ ثلاثة مليون وثلاثمائة ألف دولار سنوياً.. الراتب المقترح والذي يقارب المليون دولار يضعها على المقعد رقم (٤٣) على قائمة أعلى رؤساء الجامعات أجراً في أمريكا.. هزت السيدة درو فوست رأسها ثم ابتسمت ومهرت العقد المقترح بكلمة (أوكي) بمنطق أن بعض المناصب تضيف شيئاً مهماً للسيرة الذاتية الحافلة بالنجاحات .
أمس صدر مرسوم رئاسي بتعيين البروفسور الطيب مصطفى تاج السر مديراً لجامعة المستقبل.. بالطبع الجامعة الرائدة في دراسات الحاسوب تستحق هذه التحية المرموقة .. القرار أعاد تثبيت البروفسور تاج السر في ذات موقعه لهذا وجد الترحيب.. ماذا لو رفضت رئاسة الجمهورية هذا الاختيار.. جامعة المستقبل جامعة خاصة يجب أن تخضع لقانون الشركات ولا علاقة للحكومة باختيار مدير لجامعة خاصة.
المشكلة لا تكمن في رئاسة الجمهورية.. رجال يقدسون نكهة الألقاب العلمية قاموا بتعديل قانون الجامعات.. وضعوا شروطاً علمية لشاغل منصب مدير الجامعة .. وفي الحقيقة كان الأمر تقنيناً لأعراف سائدة في الجامعات الحكومية تقتضي أن يكون مدير الجامعة من حاملي درجة الأستاذية..منصب مدير الجامعة منصب إداري في المقام الأول.. وذلك بمعنى يمكن لأستاذ مشارك أن يحظى بمهارات إدارية تبز زملاءه من البروفيسورات ..وبمقتضى هذا العرف كانت الحكومة تضطر على منح شاغل منصب وزير التعليم العالي مخصصات البروفسور بل في أحيان كثيرة اللقب العلمي نفسه..ذاك الامتياز تنزل حتى على مديري الجامعات من تم اختيارهم استثناءاً.
هؤلاء الخبراء لم يكتفوا بمساحة الملعب الحكومي ونزلوا إلى التعليم الخاص..اعتبروا أنهم أكثر دراية من صاحب المؤسسة في اختيار المدير الناجح..لم يضعوا شروطاً ومواصفات لشاغل منصب مدير الجامعة الخاصة ..بل اشترطوا أن يعين المدير بقرار جمهوري أسوة برصفائه في الجامعات الحكومية.
في تقديري هذا القانون معيب لأنه يتدخل في الحرز الخاص..وربما يكون سابقة وسنة سيئة يؤسس عليها في تدخلات قادمة..بذات المنطق يمكن أن تدعي الحكومة أن منصب رئيس التحرير يؤثر على نطاق واسع من الناس لهذا يجب أن يعين شاغله بقرار من وزير الإعلام..ويتنزل ذاك المنطق المعوج على المشافي الخاصة ..وبهذا المسلك يتم تأميم الحياة الخاصة وجعلها كلها قطاعاً عاماً تسيطر عليه الحكومة.
في تقديري .. يتم الآن تحميل رئاسة الجمهورية بأعباء إضافية..المناشط الطلابية في الصيف تحتاج لقرار جمهوري..منظمات مجتمع مدني مثل هيئة الإبداع العلمي تصر على الاستظلال بمظلة الرئاسة..حتى هيئة المظالم التي من المفترض أن تكون مستقلة حتى تفصل بين الحكام والرعية يطيب لها الجلوس تحت هيكل الرئاسة..عشرات من المؤسسات تستثمر في الرمزية السيادية لرئاسة الجمهورية.
بصراحة..استقلال الجامعة يعني قدرتها على اختيار من يديرها .