منصور الصويم

نادي القتال “Fight Club”


يحكى أنّ “نادي القتال” عنوان لفيلم أمريكي أنتج في العام 1999، وأخذ بدوره عن رواية للروائي الأمريكي تشاك بولانيك وهي بذات الاسم. الفيلم من بطولة براد بيت وإدوارد نورتون، وإخراج المخرج ديفيد فينشر. وقدم الممثلان الرئيسيان أداء فنيا راقيا نقلا عبره الفكرة الأساسية باحترافية عالية وبمتعة درامية لا تتوافر إلا لدى كبار الممثلين من نجوم السينما، والفيلم بعكس ما يوحي عنوانه ليس فيلم أكشن، ولا فيلما عن فنون القتال داخل أحد مراكز التدريب مثلما اشتغلت الكثير من الأفلام السينمائية.. الفيلم ومن خلال ثيمة “العنف” يشرح بدقة مثيرة للتأمل أزمات المجتمع الأمريكي (قل الرأسمالي – الغربي)، وينقل حالة التأزم التي تصيب إنسان هذا المجتمع؛ وهو، لمن يبصر، مجتمع عولمي تمتد أذرعه خارج الولايات المتحدة لتطوِّق كل العالم.
قال الراوي: الشخصية الأساسية في الفيلم تكتشف بعد رحلة معاناة مع الأرق والكوابيس ومحاولات العلاج النفسي الفاشلة، أن ما تحتاجه حقيقة هو التحرر من عبودية الواقع المادي المحيط؛ شركات الإعلان، ومنتجات الاستهلاك التي تطغى على كل شيء والخواء الروحي (الكبير) الذي بات يسيطر على الأشياء جميعها؛ ولتحقيق هذا التحرر تولد هذه الشخصية شخصية أخرى في ما يشبه الفصام؛ لتلهمها كيفية الانعتاق والتحرر “تتضح هذه الازدواجية وتتكشف دراميا في نهاية الفيلم”، حيث تلهم الشخصية (المنشطرة) بطل الفيلم فكرة التحرر من (خناق الرأسمالية) عن طريق القتال، ومن ثم تلهم آخرين متمردين، ليتم بعدها تأسيس ناد لتعليم وتعاطي القتال، لتبدو المشاهد العنيفة المتتالية بعدها وكأنها تنتج عقارا (دمويا) في مواجهة عنف وقمع المجتمع الرأسمالي – العبودي.
قال الراوي: فكرة الفيلم تستبين أكثر، حين ينظم (البطل المنشطر) “براد بيت” مجموعة أعضاء النادي في نشاطات أخرى، أكثر عنفا وعدائية ضد مرموزات (العولمة – الرأسمالية)، وذلك بممارسة أشكال متنوعة من التخريب الممنهج ضد قيم مجتمع الاستهلاك الخانقة؛ من خلال انتشارهم في (المطاعم والفنادق والمصانع وووو) فهم الناس العاديون والبقية (القليلة) تمثل الوجه البشع لهذه القيم المفروضة، تتصاعد مشاهد الفيلم ما بين العنف الجسدي (النادي) وعنف الرفض (تلويث المشروبات والمأكولات في المطاعم الراقية)، جمع دهون الأثرياء (التي تخلصوا منها جراحيا بهدف الرشاقة)، وتصديرها لهم من جديد في صناعات الصابون، إلى أن يصل هذا الرفض – العنيف قمته في نهاية الفيلم؛ وهو المشهد الذي يقترب من (صورة) أحداث 11 سبتمبر بتفجير برجي التجارة مع اختلاف الموقعين!
ختم الراوي؛ قال: “إنك لا تتكلم عن نادي القتال، أنت لا تقول شيئا لأن نادي القتال يوجد فقط في تلك الساعات ما بين بدئه وانتهائه”.. تلك قاعدة نادي القتال.
استدرك الراوي؛ قال: الرفض، تعبير احتجاجي ثوري يغير الأشياء ويبدلها!