فدوى موسى

ظروف بائسة


من الفراغ تمتد بعض الرغبات الشيقة ومتواليات الأنفاس المقطوعة.. تلاهث وجري بلا وقوف أو ركون إلى هدوء.. والطاحونة لا تخرج إلا الدقيق القليل الذي ما إن يخرج حتى يعجن ويخبز على نيران العجلة والشفقة.. راضين أم ساخطين! عجلة الأيام دائرة والزمن يقول كلمته على رؤوس الدقائق واللحظات.. قد نلمح بوارق الإنفراجات لكنها تبقى عالقة على فواصل الحدود ما بين السعي وادراكه.. وعندما يكون هناك لا شيء باقياً على ثبات تتزاوغ المقل من هنا وهناك ويتلاقى سواد العيون على بياضها و «تتطاقش» أمواج الظروف صالحها وطالحها ولا تذر وراءها إلا بعض من إنكسار ورهبة من قادم لا يعرف له حدود.. والناس تهزمهم ظروفهم البائسة والمتشدقون في حالة «كلكم حصان ما لم يراود» إلى أن تنبلج فجأة صباحات مأساة أو مصيبة دامغة.. من أين يمكن أن تأتيك جرأة النظر لقريب أو حبيب، وهو يعافر المرض القاسي الذي ألم به ولم يذر له سبيلاً إلى بلوغ الوصول للعافية أو «القنع» التام إلى سبيل الأولين والآخرين.. وتبقى قضيته العلاجية عالقة لا تراوح محلها والظروف لا تطيع بالليونة أو المرونة.. «بالجد جد الحياة هذه الأيام بائسة ويائسة جداً جداً»..
٭ نظرة في عينك
لم يكن يشفي الصدور إلا انكشاف ما يعتمل بها من احاسيس.. ليس بالضرورة ان تكون لمقاييس المكاسب والخسارة.. الإيجاب والسالب، ولكن بعضنا يكفيه أنه توارد إلى أماكن إعتمال الصدور، فيا هذا! جميعنا يعرف أنه ليس ذلك المثالي المنزه، أو ذاك العابد الناسك.. إننا بشر لحوم ودماء وعروق وعصب، فقط لنا كوابح وجماح يصدنا عن فرط العقد أو طرح المسالب.. لا بأس من بعض صراحة فما نخبيء قد يثقل الأحمال، ولكنه إن كان دافعاً للاحساس بالامان فلا بأس أن نعرف نفوسنا على حقيقتها المجردة «ملوص».. كما جئنا لهذه الدنيا بلا أستار أو أثواب أو سرابيل.. عد إلى ذات اللحظة إلى الميلاد، وكن ذلك الباحث عن الاوكسجين ودعنا نبدأ من لحظة التحلل هذه فلا يرث الأرض إلا الله، ولا تبقى المشيدات أمام القبور الا كما قال حسن البصري «هذه قبورهم وهذه قصورهم».. تحلل يرحمك الله!!
٭ حالة يأس
أحياناً يحملنا اليأس إلى قنوط تام من أي شهقة حياة وتصبح حياتنا مجرد محاولة عاجزة للدخول في حلبة الاستمرار ولو من باب الدخول و «الموتاوقة» ونصبح على شفا حفرةٍ من أهدافنا وطموحاتنا التي قد تجعل من اقزاماً و «بعيوات» لا تتشابى إلى أعلى مرآقي ولا نحاول النظر إلى أعلى.. ونبقى قصار وصغار دون التطاول والتفاؤل.. لا نفرق كثيراً بين يأس أو بؤس كلاهما مسميات للإحساس قاتل وممل.. ولم يبقى رلا ان نقول اننا مهزومي الدواخل والظواهر.. فالجزع والخوف سدا علينا الأفق، ولم نجد بعد المخارج والأبواب للهروب والإنطلاق.
٭ آخر الكلام
انثر كنانتك ولا تُبالي.. مهما كنت مذنباً فهناك قلب يقبلك معيباً كنت أم صحيحاً.. فالقلوب تعميها غشاوة لا نجد لها مبرراً إلا أن نقول إنه الحب أعمى.. وربما في رواية أخرى أعرج وأطرش وأبكم و«سجم رماد».
مع محبتي للجميع