طب وصحة

لماذا يجب التخلي عن شرب المياه المعبأة في عبوات بلاستيكية؟


كثيرا ما نتساءل: أيهما أفضل مياه الحنفية أم المياه المعبأة (بعبوات بلاستيكية على الأغلب)؟ الجواب: مياه الحنفية، ويفضل أن تكون مفلترة في حال عدم يقيننا من مدى نظافة تلك المياه.

المسألة الأساسية هنا هي عدم وجود عملية ضبط دقيقة وصارمة على المياه المعبأة. فخلافا لمرافق مياه البلدية، شركات المياه المعبأة غير مطالبة قانونيا بنشر نتائج اختبار سلامة مياهها، ولا بالكشف عن كيفية معالجة المياه أو فلترتها على وجه التحديد.
كما أن شركات المياه المعبأة غير ملزمة بأن تصرح لنا عن مصادر مياهها بالضبط. بعض الشركات تروج لبضاعتها بوضع صور مياه الينابيع والجداول الجبلية النقية الصافية؛ إلا أن مياهها المعبأة فعليا في العبوات عبارة مياه الحنفية المفلترة التي مصدرها شبكة مياه البلدية العادية. وفي حالات نادرة، يتم ذكر أصول المياه بعبارات عامة مثل “مياه البلدية”.
وفي كل الأحوال المياه المعبأة أغلى ثمنا. فسعر عبوة المياه أكبر بأضعاف كثيرة من تكلفة عملية فلترة نفس كمية المياه في المنزل.

والأهم من ذلك، أن عبوات المياه تولد تلوثا بلاستيكيا كبيرا. إذ أن حوالي 800 ألف طن نفايات بلاستيكية مصدرها مخلفات عبوات المياه وتغليف الأغذية وسلع استهلاكية أخرى تصل في نهاية المطاف سنويا إلى البحار والمحيطات (بحسب منظمة “أوسِيانا”، وهي مجموعة مناصرة بحرية).

وكالة حماية البيئة الأميركية تقدر بأن 6 من كل 10 قناني مياه بلاستيكية لا يتم تدويرها. وبالطبع، الوضع في بلادنا أكثر سوءا بما لا يقارن، لأن معظم العبوات البلاستيكية لا يتم تدويرها أصلا. أما ائتلاف التلوث البلاستيكي فيقول بأنه لو رتبنا خطيا جميع قناني المياه البلاستيكية التي يتم التخلص منها أسبوعيا في الولايات المتحدة، فإن طولها يستطيع أن يحيط بكوكب الأرض خمس مرات.
علاوة على ذلك، تستهلك عملية تعبئة المياه الكثير من الطاقة. ويقدر معهد المحيط الهادئ بأن إنتاج جميع قناني المياه البلاستيكية التي يتم شراؤها سنويا في الولايات المتحدة يستهلك أكثر من 17 مليون برميل نفط أو ما يعادلها.

من ناحية أخرى، قناني المياه البلاستيكية القابلة للضغط وإعادة الاستعمال والمسجل عليها رمزي التدوير 3 أو 7، يمكن أن تحوي مركبات كيميائية صناعية مثل هرمون الأستروجين الاصطناعي ثنائي الفينول أ (bisphenol A)، أو نظيره ثنائي الفينول س (bisphenol S)، ويتسبب كلاهما باختلالات هورمونية.
بينما قناني المياه البلاستيكية المسجل عليها رمز التدوير 1، قد تحوي عشرات المضافات الكيميائية أو المنتجات الثانوية التي قد تتسرب إلى المياه داخل القنينة.

المشكلة الجدية أن الوزارات والجهات الحكومية المعنية (وبخاصة وزارتي الصحة والاقتصاد، ومؤسسة المواصفات والمقاييس) لا تفرض على مصنعي المواد البلاستيكية المستخدمة في تعبئة المياه وتغليف الأغذية، بأن يفصحوا عن المواد الكيميائية الموجودة في منتجاتهم. هذه الثغرة التنظيمية تخفي عن المستهلكين المواد الكيميائية التي يمكن أن تتسرب إلى المياه التي يشربونها من العبوات البلاستيكية. ومن أخطر هذه المواد: “الفورمَلْدِهيد” (formaldehyde) وهو مركب مسرطن معروف. إضافة إلى مركب “أَسِيتأَلْدهيد” (acetaldehyde) الذي قد يتسبب بالسرطان أيضا.

دنيا الوطن