الصادق الرزيقي

ما وراء الزيارة؟..


> تم الإعداد لزيارة الرئيس البشير للصين من فترة طويلة، لكن اختيار التوقيت كان دقيقاً ولافتاً ورامزاً، وحدد الغرض منها للمشاركة في احتفالات الصين بالعيد السبعين لانتصارها على اليابان في العام 1945م والحرب العالمية الثانية تلفظ أنفاسها الأخيرة وتضع أوزارها، وليس خافياً إن تطورات دولية مهمة جعلت من زيارة الرئيس ووجود عدد من قادة أفارقة وعرب ومن دول كبرى في العالم في العاصمة الصينية بكين جاءوا لنفس المناسبة، ذات أبعاد تتوالد من أبعاد عديدة ترسم ملامح المرحلة المقبلة في قضايا السودان والداخلية، وتنعكس على المجال القاري والدولي.
> الصين تختط طريقاً جديداً في العالم، تنظر فيه إلى دورها في الأزمات الدولية المعقدة،والاقتصاد النامي بسرعة كبيرة وقيادتها لآسيا، ومواجهتها للهيمنة الأمريكية ومحاولات واشنطن العبث على خاصرة الصين، حيث يجري نزاع وصراع للنفوذ الدولي على أكثر مناطق العالم قابلية للتمدد والمساهمة في هموم العالم. ولعل المسارات البحرية وأعالي البحار في جنوب شرق آسيا وبوابات المحيط الهادي، هي ميدان تنافس كبير للسيطرة عليها خاصة بحري الصين الشرقي والغربي، وقد مدت الصين نفوذها في هذه البحار وطورت صناعتها العسكرية خاصة الصواريخ العابرة للقارات برؤسها النووية التي عرضت في الاحتفالات التي شهدها الرئيس البشير ورؤساء من مختلف أنحاء العالم في ميدان تيان أمين (البوابة السماوية)، وهي بذلك ترسل رسالة للعالم سيما الدول الغربية إنها في سنوات وجيزة صارت الاقتصاد الثاني في العالم وربما تكون عما قريب الأول،وستصبح أيضاً قوة عسكرية عظمى يحسب لها ألف حساب خلال العشر سنوات القادمة أو أقل منها.. فالقوة الاقتصادية والعسكرية والتأثير السياسي الذي تتميز به الصين حالياً وتأثير ذلك على السياسة الدولية، جعل من زيارة البشير وتوقيع اتفاقية شراكة إستراتيجية واتفاقيات عديدة في المجالات المختلفة تكتسب أهمية كبرى وتشكل عامل إزعاج كبير للدول الغربية والدوائر المعادية للسودان، ويفهم المجتمع الدولي ماذا تعني كلمة (شراكة إستراتيجية) بالمعطيات الجديدة التي تمثلها الصين اليوم.. وقد أصبغ قادة الصين على البشير لقباً من النادر استخدامه في الصين وهو يعبر عن مكانة رفيعة للغاية وهو (الصديق القديم)، ولا يمكن تجريد هذا اللقب من مغزاه السياسي ودلالاته الإستراتيجية، فالعالم مقبل على مرحلة جديدة، والسودان أيضاً مقبل على تطورات مهمة وخطيرة.
> يستخلص من هذا كله أن الرئيس البشير بعد أن ضمن جبهة الصين وجنوب أفريقيا، وبالطبع روسيا وبعض البلدان العربية، يستطيع مواجهة أية مؤامرات تستهدف السودان ووجوده وأمنه واستقراره. فقد وصل التآمر الإقليمي حده الأقصى بما سيقدم عليه مجلس السلم والأمن والأفريقي خلال الأيام القادمة من إحالة قراراته لمجلس الأمن الدولي، واستطاع البشير التفاهم من الرئيس جاكوب زوما رئيس جنوب أفريقيا حول ملف المحكمة الجنائية وملفات أخرى وتم توقيع ستة عشر اتفاقية مع هذه الدولة المهمة في القارة ويتوقع أن تحصل على أحد مقعدي أفريقيا في مجلس الأمن الدولي إذا أجيزت عملية إضافة مقعدين دائمين لأفريقيا في مجلس الأمن الدولي، كما استطاع الرئيس البشير بالتوقيع على شراكة إسراتيجية مع الصين وفتح ملفات ذات أهمية كبرى في مجالات التعاون على وضع حليف قوي وعضو دائم في مجلس الأمن الدولي خلف ظهر السودان للوقوف معه بقوة في وجه الرياح العاتية القادمة.
> السودان في غضون الأيام المقبلة يجب أن يشهد حركة سياسية ودبلوماسية واعية ومدركة لما سيكون عليه المشهد الإقليمي والدولي. ولعل قراءة ما بين كلمات الرئيس البشير أمام الجالية التي تصدرت الصحف أمس ونشرات الأخبار، تشير إلى أن المؤامرة كبيرة وخطيرة وما يقابلها أيضاً كبير وخطير، ولذا فإن زيارة الصين بالنسبة للسودان في هذا التوقيت كانت ضربة معلم واصطياد أكثر من عصفور بحجر واحد، فالصين التي تتجه إلى تعزيز دورها العالمي بشركاء قادرين على الصمود والمواجهة في مناطق كثيرة من العالم ومع دولة كالسودان تميزت بإرادة صلبة وواجهت كل المؤامرات التي حيكت ضدها خلال الخمس والعشرين سنة الماضية، تستطيع بناء تحالف دولي له رسالته الواضحة وما أوضحها في الراهن اليوم..


تعليق واحد

  1. برضو مؤامرة يا الرزيقي , تااااااااني رجعنا لي خطاب التسعينات و البلد ماشة في دمار و تمزق و هاوية لا يعلم مداها الا الله ؟

    هل هذا هو المرجو من أمين اتحاد الصحفيين, فماذا يكتب الصحفيين تحت التمرين اذا” ؟؟