هيثم صديق

اللجوء إلى مظفر ومطر


كلما ادلهمت الخطوب ومن عدم الخجل ابتلع حكامنا الحبوب وفرغت الأفئدة والجيوب واستحالت نشرات الأخبار إلى ما ترون وعبس وجه الزمان وعبث بنا شذاذ الآفاق وشواذ الأفعال استلذت واستلذذت بأشعار أحمد مطر ومظفر النواب في بذاءتهما ونزقهما والصدق الكبير فاعيد لنفسي بعضها وأكور بصاقي ثم أرسله على من أشاء وأتكور على نفسي في ليل الوجع أبكي أمتي تلك التي تبيع أشرافها وشرفها رغم ترفها.
أن تأتيك صورة لأطفال قد تمزقت أجسادهم، وأخرى لطفل تتقاذف جثته الأمواج كسمكة نافقة، ومئات الجثث تطفح كرغوة البحر، ومئات معسكرات اللجوء لمواطنين في أوطانهم، وقصص تشيب لها الولدان من الذين تركوا كل شيء لأجل لا شيء سوى شهوة الكلاشنكوف للزغاريد.. كل تلك الأحداث المتداعية والمتسارعة واقتراب الحريق من ملابسك يفضي إلى ما يعترينا الآن من سخط وما نحسه من وجع وعجز وآه لموجوع وعاجز.
وأدعوكم لأن تلجأوا إلى أشعار مطر ومظفر في أيام الجفاف والهزيمة هذه، ففيها السلوى من البلوى، وفيها فسحة للمشي أمتارا بعد التئام الكسور كما قال مريد البرغوثي في شهواته المستحيلة:
كلما كسر البرق بلوره في الأعالي
اشتهيت اقل قليل الحياة
فما لاح لي غير موتي
*كان النداء قديما (وا معتصماه) وأصبح اليوم (وا من معتصماه)، فالمعتصم الجديد معتصم بكرسيه ولو حوله إلى سفينة لتمخر فيه في فيضان الدم والدموع ولا يعدم مع ذلك أن يخرج في الإعلام ليقول (بسم الله مجراها ومرساها)
عليكم بأشعار النواب ومطر، فهي أفضل وصفة طبية هذه الأيام لأمة الألم التي أصبحت عادتها وطمثها من القلب مباشرة ذكرانا وإناثا.
لقد حلك الليل الطويل وأناخ بكلكله وقدرنا أن نحاكي بعد مئات السنين امرؤ القيس فما الإصباح عنه بأمثل..
هذا زمن الأغنيات الحزينة والنايات الحزينة والثواكل وارتفاع الموجة لي صدر الشراع
اشتروا لافتات أحمد مطر ومجموعات مظفر النواب وابحثوا في قوقل عنها ستجدون فيها مخدرا موضعيا يساعدكم على إكمال يومكم حتى موعد يومكم تسمعون الأقاصيص المكررة وتنظرون لارتفاع الدولار كأنه قوس قزح وتتضاحكون لنكتة مكررة وتغازلون وتتجادلون في هدف ملغى وتشاهدون جثث قتلى جدد بنصف قلب وتنشدون مع مطر.
فهذا زمن آخر
يفدى فيه الكبش
بإسماعيل !