منوعات

سائق ركشة: أنا زي السائح وبخاف (جر الهواء)


الأعوام السبعة في قيادة الركشات جعلت من شيخو أوكما يحلو لكثيرين منادته ب(قرج) متأملاً ومحباً للاكتشاف وبارعاً في التعامل مع الناس والشوارع والأزقة بعين مدربة على الالتقاط.. ولسان قادر على إدارة الحوار.. ميزته سرعة البديهة وإطلاق النكات فيخلق حالات من الجو الفرايحي, والمؤانسات اللطيفة .. كل هذا جعل منه سائقاً مطلوباً ومحل ثقة زبائنه الكثيرين الذين يفضلون انتظاره حتى وإن تأخر، قيادة الركشة لم تعد مهنة لكسب العيش فقط عند قرج إنما هواية يجد فيها متعة لأنه كما قال:

– يكتسب فيها معارف وصلات إنسانية، كما توفر له فرصة معرفة طرائق تفكير الناس والوقوف على أحوالهم النفسية والاقتصادية.. (مرات كتيرة بحس إني زي السائح العايز يعرف اي حاجة.. أغرب حاجة في ناس ما بتعرف الاتجاهات يقول ليك شمال ويكون قاصد غرب يقول ليك جنوب ويكون قاصد شرق) ما يجعله يخسر وقتاً (جر هواء) هذا المصطلح هو أكثر ما يخيف ويقلق سائقي الركشات, لذلك تجد من يتبرع لك صادقا أو مستهبلاً ليحذرك من الوقوع في فخ (جر الهواء)
قرج وغيره من سائقي الركشات يقعون في فخاخ كثيرة أبرزها التنصل من الدفع بعد الاتفاق الأول (بقيت أعرف ليك الزول الجاي من الحاج يوسف أو أم درمان بسهولة- أشرح ليك- الزبون يقول ليك أنا ماشي مثلاً أركويت محطة البلابل من صينية المركزي وتتفق على السعر ومجرد ما يصل يقول ليك : يا أخ كتيرة جداً المشوار طلع قصير .. أنا عارف الأسعار بتختلف من منطقة إلى أخرى عشان كده ما بخش في نقاش كتير وبشيل الساهلة وبتوكل
(عشان القيادة ذوق وفن لازم نعرف الاشارات ونطورها كمان) بسطة الكف الواحد صعوداً ونزولًا تعني التوقف.. وإذا رفع أحدهم أصبع الإبهام يعني أنه مبسوط .. أما إذا لوح بالإبهام والسبابة فقد يكون مستغرباً
عُرف عن قرج أنه مهتم بالزينة (الكشب) جمع ماتيسر له من الدُمي والألعاب ووضعها بترتيب كل حسب لونه وحجمه.. وله في ذلك فلسفته الخاصة (أنا عايز أقول للركاب بحب ركشتي)
أما الكتابة على الركشة فهي تكشف ميول الانسان، مثلاً المحب لمحمود يكتب أغنياته وقد يضع صوراً له.. وهناك من يحب أن يكتب حكمة أو مقولة محببة، قرج يفاخر بمحبته للحوت لكنه لايحفظ أغنايته لأن حفظ الأغاني يفسد طعمها كما يقول الشيخ قرج.

صحيفة آخر لحظة