عبد الباقي الظافر

حبوب منع الكلام..!!


كان السناتور الامريكي قد حمل بدلته على ساعده متأهبا للخروج عندما همس اليه احد مساعديه..المساعد نقل الى الشيخ الامريكي ان سيدة سودانية مقيمة في امريكا تود مقابلته في امر عاجل..واصل الرجل حديثه تقول السيدة ان شقيقها الذي يعمل صحفيا بالسودان تم اعتقاله مؤخرا عقب هجوم عسكري على العاصمة السودانية وان حياته معرضة للخطر..عاد السناتور ادراجه يستمع الى مظلمة السيدة السودانية التي لم تمتلك حتى ذلك الوقت حق التصويت في الانتخابات الامريكية..بانتهاء ذاك اللقاء كان السناتور قد اعد خطابين ..اما احدهما فمضى الى قصر الرئاسة بالخرطوم مناشدا بإطلاق الصحفي الغالي..اما الاخر فقد مضى مباشرة الى سفارة الولايات المتحدة بالخرطوم لتقديم العون اللازم..بعيد ثلاثة اسابيع من ذلك اللقاء كان الصحفي الشاب يصل الى ارض الولايات المتحدة الامريكية مقيما بصفة شرعية.
ورد اليوم في صحيفة الانتباهة وصحف اخرى عن عزم رئاسة الجمهورية اصدار توجيه لنواب البرلمان..التوجيه الرئاسي يقضي بمنع النواب ملاحقة الوزراء او استدعائهم لأسباب تتعلق بالخدمات في الدوائر الجغرافية التي وفد منها اولئك النواب..يمضي الخبر الى ان مسؤولية متابعة المسائل الخدمية ستصبح حقا حصريا لولاة الولايات لا يشاركهم فيه برلمان ..من جهة اخرى كان والي احدى ولايات دارفور يناشد مجلسه التشريعي ببذل النصح وزيادة الرقابة على اداء حكومته.
رغم ان الخبرين يحملان تناقضا بين توجيها يغل يد البرلمان ومناشدة تدعو النواب على القيام بدورهم ..الا ان الخبرين يتفقان ان اجهزتنا التشريعية على مستوى المركز او الولايات باتت في حوجة الى ( لزة ) حتى تقوم بدورها ..وحتى لا يكون الكلام رجما بالبهتان حاولوا ان تتذكروا معي موقفا صلبا لبرلماننا..هل سمع احدكم صوتا من البرلمان يطالب من الحكومة تقديم تنازلات حتى ينجح مشروع الحوار الوطني..هل رايتم نائبا يستوضح وزير الخارجية عن ملابسات اعتقال مواطنا سودانيا بالعاصمة السعودية..هل قرأتم تصريحا لنائب كريم عن معركة القمح التي وصلت السنة اللهب الى مزارع القمح في استراليا وروسيا.
بصراحة..رغم ان برلماننا قابض على لسانه لا يرفع صوتا على صوت حكومته..ورئيس البرلمان ذاته صرح من قبل ان المسؤولين اولاد ناس..بعد كل ذلك يصر بعض الكبار والنافذين على اجبار برلماننا على تناول حبوب منع الكلام..ليس صحيحا ان متابعة اخبار التنمية بالدوائر الانتخابية ليست مسؤولية نواب البرلمان الاتحادي. ليس هنالك عيبا ان يطالب نائب دائرة بارا باكمال طريق بارا ام درمان..ليس هنالك ما يمنع نائب دائرة ام درمان من المطالبة بدعم فريقي الهلال والمريخ في المشوار الأفريقي .
في تقديري ان اي نائب لديه مسؤولية اجتماعية واخلاقية في التعبير عن قضايا منطقته وملاحقة الوزراء بطلبات المواطنين..بل من وأحب كل نائب في البرلمان ان يفتح قنوات تواصل مع اهل دائرته ليعبر عن آلامهم وأحلامهم ..بل من حق الجمعية العمومية في كل دائرة معاقبة النائب الذي يتنكر لقاعدته الانتخابية ..بعض من النواب كان اخر عهدهم بدوائرهم يوم اعلان النتيجة .
بصراحة.. نواب برلماننا لا يستشعرون باهمية الصوت الانتخابي للمواطن العادي ..بل يخشون فقط من (السوط ) الحكومي ..لان الحكومة والحزب الحاكم هو من منحهم امتياز تمثيل الشعب ..هم موظفين في خدمة الحكومة لهذا يبذلون قصارى الجهد حتى لا يغضب من بيدهم القلم..