الطيب مصطفى

أحلام الفتى الطائر! 1-3


دهشتُ لقيام الأخ المهندس عثمان ميرغني بنقل حوار تبادلنا فيه وجهات النظر حول قضية سياسية فكرية داخل أحد قروبات “الواتساب” إلى العراء والهواء الطلق من خلال مقال شنّ فيه عليّ هجوماً كاسحاً متهماً إياي باحتكار إطلاق الأحكام على فئات المسلمين.
لكن قبل أن أرد على الأخ عثمان اسمحوا لي قرائي الكرام أن ابتهل إلى الله العزيز أن يحقق له ما يصبو إليه حتى ينجح في تحقيق حلمه الجديد الرامي إلى ملء ما سماه بالوظيفة السياسية الشاغرة التي قال إن “83” حزباً عجزت عن شغلها بما يعني أن السودان كله وشعبه كان في انتظار المهدي المنتظر ليخرجه من ظلمات التخلف إلى نور التقدم والنهضة، وهو الدور الذي يسعى عثمان إلى النهوض به عِوضاً عن (الفاشلين) من ساسة السودان منذ الاستقلال!.
يقول عثمان إنه قد آن الأوان لإنشاء حزب جديد (يستطيع – وأراهن على ذلك – خلال أسابيع قليلة جذب التعاطف، بل وعضوية ملايين من الشعب السوداني! (ثم مضى عثمان في أحلامه الكبيرة محللاً وشارحاً كيف تنشأ دور لحزبه الجديد في كل مكان بتبرعات الأعضاء وكيف تجمع الأموال التي ستتدفق وكيف (ستتولد قوة الدفع الهائلة وكيف ستتراص الصفوف أمام مقرات الحزب الجديد تطلب العضوية، وكيف يصبح الملايين تروساً في ماكينة جبارة هائلة لن يقف أمامها تحد أو عائق)! إلى أن قال – لا فض فوه -(مائة يوم كافية ليكون لهذا الحزب مليون من العضوية الناشطة الفاعلة من مختلف الفئات ومختلف الدرجات ومن مختلف المشارب في كل أنحاء السودان)!، وختم مقاله بالعبارة التالية (بالله لا تضيعوا الوقت.. مطلوب الآن حزب جديد يضع الحلم السوداني ليحققه).
ثم بدأ عثمان مقاله الثاني حول (الحلم العثماني) بعنوان (لا وقت للدموع.. لنبدأ الآن) وختم المقال بعبارة (لا ينقصنا إلا الفكرة الذكية)، مثل التي نهض بها مهاتير في ماليزيا إلى أن قال (فلنبدأ الآن!).
أودّ أن أذكر من نسي من القراء الكرام بأن عثمان ميرغني كان قد طرح نفس (الفكرة الذكية) وبنفس الأحلام والخيال الذي يسبح في فضاء اللا معقول قبل أكثر من عشر سنوات واختار لها، إن لم تخني الذاكرة اسم (منبر السودان) – وكنتُ أظن أن فشلها الذريع في ذلك الوقت كان كافياً لإخراج الرجل من أوهامه حتى يغير من منهج تفكيره غير العقلاني، ولكن ماذا نقول غير (إن الطبع يغلب التطبع!).
عثمان بعد فترة قصيرة من طرح تلك الفكرة في ذلك الزمان تواضع قليلاً، وحاول أن يدخل حلبة التنافس في إحدى الدوائر الجغرافية من مدخل الشهرة التي منحها إياه عموده المقروء (حديث المدينة)، ولكن الرجل رجع مرة ثانية من تلك التجربة بخفي حنين!.
على كل حال سننتظر المائة يوم سيما وأن الرجل قالها متحدياً إنه (إذا لم يحصل الحزب الجديد على بطاقة عضوية مليون مواطن سوداني خلال الـ(100) الأولى بعد تأسيسه فهو حزب فاشل)، باعتبار أن الشعب السوداني، حسب قول عثمان (لا تنقصه إلا الثقة في من يصنع مستقبله)، وبما أن عثمان دون غيره من البشر هو الجدير بثقة الشعب السوداني وبصناعة مستقبله بعد فشل جميع القادة والزعماء والنخب والساسة والأكاديميون، فإننا موعودون بالملايين المتراصة لتقديم البيعة للمخلص والمنقذ ولينطلق الصاروخ، على حد تعبير عثمان.. (يشق السحاب كالبرق إلى سماء جديدة ليست معهودة في تأريخنا السياسي!).
هذا انموذج من منهج تفكير عثمان ميرغني الذي يعشق السباحة في فضاء اللا معقول.. أن يكون هو الملهم وصاحب الفكرة الذكية التي تغير مجرى التاريخ والتي لا يوجد غيره من بجترحها ويخرج بها من عالم الغيب إلى عالم الشهادة.
من تقليعات الرجل الجديدة التي ظلت (تتاوره) مؤخراً أنه أصبح فقيهاً في أمور الدين مما جعله يأتي فيه بـ(أفكار ذكية)! ما سبقه إليها أحد من العالمين، وقبل أن أتعرض للهجوم الضاري الذي شنه عليّ لأرد عليه، دعوني أذكر أمثلة مما أتحفنا به في الأيام الأخيرة.
بعد أن شرق وغرب وهو يحاول أن يأتي بـ(الفكرة الذكية) في أمر فقهي لم يسبقه إليه أي من كبار الفقهاء من لدن مالك والشافعي والقرضاوي والشعراوي، قام عثمان ميرغني في مقال نشر قبل أيام بتفسير القلب بالبرمجيات (software) والصدر بقاعدة البيانات (database) ثم ختم بالآتي (الهدف الأسمى للدين ترقية وتطهير مسلك الإنسان وعلاقاته بالآخر.. {من حيث هو آخر.. إنسان أو حيوان أو نبات أو حتى جماد}!.
نواصل


‫3 تعليقات

  1. طيب يا المكطيب ام انت اسسئت منبرالعنصريه العادل اكنت الوقت شنو غير انك محسوب علي الرئيس هل كنت مهديا عثمان ميرغني يجبرك علي احترامه بقلمه وهو رقم لن تنقصه حتي لو تقويت بمن عيونك مديرا

  2. انا اتفق معه ان الهدف الاسمى من الدين ترقية وتطوير مسلك الانسان وعلاقته بالاخر حتى لا يتحول المجتمع الى مجتمع غاب

  3. ان كانت لزماننا أعجوبة فهو انت
    ما فهمته من مقالك……….أن عثمان خرج بحديث دار بينكم الى العلن , ويبدو ان ذلك
    لم يروقك ولهذا كان مقالك هذا
    يا شيخ هانا الله واياك……..ما كتبه مردود عليك ويقدح في صدقيتك , والعلاقة السببية واضحة
    فيما أوردته في المقدمة ومتن المقال
    وشوف غيرها