تحقيقات وتقارير

البلاد التي تعيش على “الحب” حيتانها


ستدهشون للغاية، فأنتم موعودون بالاستماع لصوت أكبر أوبرالية وفرقة جماعية في التاريخ عدد مغنييها بالآلاف، وربما تسجل في موسوعة “جينيس” للأرقام القياسية، فقد ابتكر محبو فنان الشباب الراحل وأسطورته بالطبع محمود عبد العزيز “حفلا غنائيا” هو الأول من نوعه، وبصورة غريبة بعض الشيء؛ سيقوم معجبو “الحوت” بترديد أغانيه بصحبة فرقته الموسيقية في نادي ضباط القوات المسلحة في حادثة فريدة وغير مكررة ربما مع مغنين عالميين ترك رحيلهم صدى مثل رحيل الحوت.
وعلى صهوة عربة “بوكس” مفتوحة تذيع أجهزة صوت ضخمة معبأة على ظهرها أغنيات للفنان محمود، وأيضا تعلن عن انطلاقة أولى حفلات “جمهور” محمود، ونصب ذات المعجبين المكونين من روابط محبي الفنان الراحل الآلاف من البوسترات الإعلانية لزمان ومكان الحفل وقيمته المالية، ويقول أحد معجبي الفنان في صفحة الحواتة الرئيسة إنهم مستعدون لحضور “أوبرالية” الحوت المرتقبة والتي ـ حسب حديثه ـ ستعيد أمامه شريط ذكريات حفلات الفنان محمود عبد العزيز.
ربما لم يكن “حوتة” مجرد مطرب يحبه جمهوره فقط لصوته الشجي، وللذين يعرفون محمود فإنه كان ظاهرة لها امتداد أكبر من مجرد الإعجاب، وهو ما عبر عنه صراحة زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي الذي خاطب ذكرى رحيله بخطاب مشهود عندما تنبأ أن يتحول “الحواتة” لطريقة صوفية، وتعبر الحالة “الحوتية” عن رسوخ لثقافة ما ربما لم يسبر غورها بعد فهي تتشكل كل يوم بمشهد جديد ومظهر يحمل الغرابة لاستمرارية “حوتة” وتمسك محبيه بفنه.
ملأ معجبو “محمود” فضاءات الخرطوم هذه الأيام بصخب فكرتهم المبتكرة، وهي حسب رأي صفحتهم الرسمية سلسلة من الحفلات الخيرية كامتداد طبيعي لما ظل يقدمه الفنان الإنسان من أعمال خالدة، وتناشد جميع الحواتة المشاركة والمساهمة، فيما تضيف أن واجبها أيضا لملمة جمهور الحواتة كل شهر حسب رأيهم للتغني بروائعه وهم يستعيدون ذكرى الحفلات الجميلة وبالتالي تستفيد مجموعات “محمود” من الدخل في المشاريع الخيرية.
ويستغرب الكثيرون في قدرة معجبي فنان الشباب الراحل محمود عبد العزيز على حفظ أغانيه بالطريقة التي يؤدي بها للآخر، فهم مستعدون لإقامة حفل كامل بأصوات الآلاف لكنه يعبر عن صوت محمود فقط وأدائه وحركته في المسرح، وهي بالتأكيد حالة من الغربة التي يعايشها معجبوه ويحاولون أن يقتنصوا فرصة غيابه لإشباع أرواحهم من ذكرياته التي تركها، وتعبئتها بمزيد من الفن الحواتي الراقي بنظرهم، وفي لحظة صفر محددة وبزمن موسيقى وأداء صوتي واحد تنبعث آلاف الحناجر وتردد: “الكنت قايلو فات زمان رجعتو بي طعم الغنا”.

اليوم التالي


‫2 تعليقات