ثقافة وفنون

مصر في الاغنيات السودانية


عاشت العديد من الاغنيات السودانية عبر تاريخها الطويل ارتبطاً عميقاً بمصر التي اثرت على الشعراء وكتاباتهم عبر ازمان مختلفة كانت خلالها مصر حاضرة في اغنياتهم تارة على سبيل العاطفة واخرى من واقع الارتباط العميق بين البلدين وثالثة كأكبر دليل على متانة الرباط الذي يجمع بين ابناء الشعبين الشقيقين اللذان ارتبطا ببعضهما ثقافياً وفنياً واجتماعياً .

الشاعر سيد عبد العزيز

حفلت روائع الشاعر الكبير سيد عبد العزيز باشارات واضحات على تأثير مصر المباشر عليه ففي رائعتة (سيب دلالك) التي صاغها يتجلى الاثر المصري واضحا عندما كتب في ديوانه قائد الاسطول عن مناسبة الاغنية قائلاً : صدرت في العام 1932 م مجلة الرسالة المصرية وتحمل بين طياتها قصيدة للاستاذ الضرير احمد الزين يقول في احد ابياتها ( لو مساها فم العبير لحلت كل معقود ) فأعجب شعراء الحقيبة بذلك واخبرني صديقي عبيد عبد الرحمن بالابيات وعن المعاني الكامنة في هذا البيت , فأخبرته بان شاعرنا حدباي سبق وتفوق عندما قال ( المزمزم عنب الرطيب لو ضاقه ابكم يصبح خطيب ) فنظمت هذه الابيات التي شكلت اغنية سيب دلالك :

سيب دلالك لقلبي جيب

يا المفدع امرك عجيب

ألفى عمري الاوشك يغيب

زورني في الطيف خوفي من الرقيب

تلقى صباً في هواك رغيب

مره يفصح مرات يغيب

داوي جرحي الما أظن يطيب

غير عير الشانيه طيب

تم يا مناي الما ليك بسيب

لو سابوا الشعراء النسيب

والتغزل في جدي الكثيب

والعيون النظرن يصيب

ليلة الوصال :

وكتب الشاعر سيد عبد العزيز اغنية ليلة الوصال في عام 1926 م التي تغنى بها الفنان الراحل وكروان الحقيبة كرومه , وسجلت ذات الاغنية في اسطوانة عام 1928 م لكن بصوت الفنان المبارك ابراهيم وبصحبة ( كورس ) من بنات مصريات بمصاحبة الموسيقى , ويقول في مطلعها : ليلة الوصال … والمغازلة

روحي بالخيال ليها بازلها

بينكا صاغ الشاهر عبيد عبد الرحمن في عام 1934 م قصيدة ( من مصر والسودان ) التي يحكي خلالها قصة عشقه وولهه بفتاة مصرية والدها مصري الجنسية ووالدتها سودانية المنشأ والميلاد جمعهما الحب الا ان الاقدار فرقت بينهما فكت قائلاً :

من مصر والسودان

متجانس الحدين … يازهرة الامال يا زاهر الخدين

الخبرة والاحلام فيك للناظرين بادين

من نظرتك مأخوذ مث الظبايا الشاردين

فيك رقة الاسلام وانت المسيحي الدين

إحترت فيك يازول … وانا كيف معاك بعدين .

وفي احدى زيارات عبيد عبد الرحمن نفسه للعاصمة القاهره سمع بأغنية مصرية فتأثر بها وظلت عالقة بذهنه مما دفعه لكتابة تلك الاحرف الانيقة تسمح اقولك ياجميل كلك

خفيف ظلك وعينيك ناعسات

نور الايام من انوارك …

وندى الازهار وبسم النوار من انوارك .

مصر يا أخت بلادي

مصر يا أخت بلادي يا شقيقة

يا رياضاً عذبة النبع وريقة …. يا حقيقة

يا اخت بلادي

سوف نجتث من الوادي الاعادي

فلقد مدت لنا الايدي الصديقه

وجه غاندى وصدى الهند العميقة

صوت طاغور المغنى بجناحين من الشعر

على روضة فني ….

يا دمشق كلنا في الفجر والامال شرق ….

وهي من الاغنيات التي كتبت في زمن يتطلع فيه الشعوب الى الحرية وافاق جديدة بقيادة الزعماء الكبار على مستوى العالم سوكارنو وجوزيف تيتو والازهري وغاندي , وقد كتبها الشعر تاج السر الحسن في عام 1960 م عند زيارة الرئيس جمال عبد الناصر التي زار فيها الخرطوم وشهد امسيات فنية عديدة ابرزها الحفل الذي احتضنه المسرح القومي بأمدرمان والذي تغنى فيه الفنان عبد الكريم الكابلي بتلكم الاغنية الجميلة وهي المرة الاولى التي يتعرف من خلالها الجمهور السوداني على الكابلي حيث لم يسبق له ان تغنى للاذاعة السودانية التي كانت تنقل ذلك الحفل على الهواء مباشرة , ومنها انطلق الكابلي حتى اضحى من رموز الغناء السوداني , وبعد ان انتهى الحفل قام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بتسليم عبد الكريم الكابلي شيكاً بمائتي جنيه تقديراً واعجاباً بروائعه الفنية التي تجلت في الحفل , فما كان من الكابلي الا وان قام بالاحتفاظ بالشيك ووضعه في ( برواز ) كنوع من التقدي والفخر والاعزاز بشيك عبد الناصر الذي يعد اكبر شهادة تقديرية خاصة وانه كان في بداياتة الفنية يغني للخاصه ولا يعرفه العامة .

مجـاهد العجب
صحيفة الوان