يوسف عبد المنان

فساد الأراضي


الأراضي من أكثر القطاعات عرضة للفساد تاريخياً وفي كل العالم.. لذلك في مصر تتبع الأراضي للقوات المسلحة وفي البلدان الخليجية تتبع الأراضي للملك أو الأمير وولي العهد.. وقد كانت الأراضي سلطة اتحادية حتى مجئ الحكم اللا مركزي في سنوات مايو لتصبح الأراضي سلطة ولائية.. وبعد وصول الإنقاذ للحكم تمت محاكمة وزير الإسكان الأسبق “عثمان عمر شريف” بسبب الأراضي.. وذهب وكيل وزارة العدل السابق “عصام عبد القادر” ضحية لاتهامات في ملف الأراضي. ولم تخلُ قضية أراضٍ في السودان من تبعات وظلال سياسية.. لأن الأراضي الآن هي أغلى سلعة تباع للجمهور يهرع كثير من الناس للحصول على قطع أراضٍ لادخارها كثروة مضمونة القيمة.. وإعلان الرئيس قبل عام عن خطوات إصلاحية للدولة ومحاربة الفساد والمفسدين.. ما كان هذا الإعلان حكراً على العاصمة الخرطوم ولا المدن الكبرى.. وقد نهض لتنفيذ قرار الرئيس بالقضاء على بؤر الفساد بعض الولاة خاصة العسكريين منهم.. أمثال لهؤلاء اللواء “عيسى آدم أبكر” والي جنوب كردفان الذي اتخذ قرارات شجاعة جداً في محاربة الفساد في ولايته بمراجعة عقودات الشركات العامة وإلزامها بتنفيذ تلك العقودات.. وجفف د. “عيسى” منابع الفساد بإعفاء بعض المسؤولين.. وحل مكتب تنسيق الولاية ومنح مديره السابق إجازة مفتوحة.. وأصدر توجيهات صارمة لوزير التخطيط العمراني الأستاذ “محمد شريف إسماعيل” بمراجعة ملفات الأراضي في المدن و(حوسبة) الأراضي حتى لا ينال مواطن واحد أكثر من قطعة سكنية.. ووجه الوالي وزير التخطيط العمراني بمتابعة قضية أثارها النائب البرلماني “محمداني هبيلا” عن أراضٍ خصصت للدستوريين في مدينة “الدبيبات” دون سائر المواطنين.. وتنفيذاً لتوجيهات الوالي شكل وزير التخطيط العمراني “محمد شريف إسماعيل” لجنة برئاسة الوزير نفسه.. انتقلت لمدينة “الدبيبات”.. وهناك اكتشف الوزير حجم الفساد الذي مارسه الموظفون وبعض التنفيذيين.. حيث تكشف امتلاك شخص لمربوع كامل باسمه.. وآخر منح (12) قطعة أرض وتاجر صدقت له السلطات بخمسة عشر دكاناً.. ودستوريون سابقون تم منحهم أراض درجة أولى دون وجه حق .. فأصدر الوزير “محمد شريف” قراراً شجاعاً بإلغاء كل تصديقات الأراضي التي منحت للدستوريين واعتبارهم مواطنين عاديين ينافسون في الخطة العامة مثل سائر الناس ووجدت هذه القرارات ارتياحاً من أهل المحلية.. بل أصدر الوزير قراراً آخر بتكوين لجنة فنية يشارك فيها المواطنون لاستلام مباني محلية القوز التي حينما هطلت الأمطار غرقت غرف المبنى في المياه لسوء التنفيذ وعدم التقيد بالمواصفات.. ووجدت قرارات الوزير ودعم الوالي له ارتياحاً وسط المواطنين، واعتبروا تلك الخطوات بمثابة بداية للحرب على الفساد والمفسدين والقطط السمان التي تعيش على دماء المساكين والبسطاء.. تلك أمثلة في ولاية بعيدة مثل جنوب كردفان لا رقابة عليها من الصحافة أو أجهزة الحكومة المركزية.. وفي ولاية الجزيرة مضى “محمد طاهر أيلا” في اتخاذ القرارات التي من شأنها إعادة الجزيرة إلى ما كانت عليه في السبعينيات والثمانينيات. وذات الخطوات التي أقدم عليها “عيسى آدم أبكر” في “كادوقلي” اتخذها في “الجنينة” الأستاذ “خليل إبراهيم” الذي هدم الدكاكين العشوائية في سوق المدينة وأسند لمعتمد “الجنينة” وحفيد السلطان “بحر الدين” مهمة نظافة “الجنينة” من أوكار الجريمة وبسط الأمن، وقد فضح الوالي شركة أجنبية حاولت تقديم رشوة مالية للوالي حتى يبقي عليها في الولاية ويغدق عليها العطاءات (أم غمتي). لكن الوالي فضح رشوة الشركة بحديثه عنها في منبر صلاة (الجمعة) مما جعلها تغادر الولاية.. إن محاربة الفساد في الولايات يمثل مقدمة للقضاء على هذا الداء في كل البلاد ونظافة الثياب من الدنس والأرجاس.. وإقامة دولة تحترم مواطنيها ويحترمها المواطنون.


تعليق واحد

  1. والله لو كانت لكم الشجاعة وكنتم تكتبون عن الأراضي والدقيق والقمح والقطن والعطاءات ما كان وصلنا لهذا الحال. الآن الصحفيين في السودان لا يكتبون عن أي موضوع الا بعد أن يتطوع الوزير أو المسئول بفتح الكلام عن بعض المستور وخذ مثلا سعلة وطنية استراتيجية يدفع فاتورتها المواطن المسكين ولا يعلم أي شيء تكلفتها. ثم ثانيا كيف تقوم أن عصام عبد القادر ضحية مش حرام عليك كيف عرفت أنه ضحية وهو لم يحقق معه ناهيك عن محاكمته. أنت وأحمد البلال وضياء الدين ومحمد عبد القادر ومزمل أبو القاسم وأبو العزائم لا تصلحوا لأن تكونوا صحافيين لأنكم لا تستطيعون الكتابة عن أي موضوع الا بعد أن يصبح مشاعا للجميع.