منوعات

د. جاسم المطوع : اخترت مدرسة أجنبية لطفلي.. ما رأيك؟


قال: أنا محتار لأني سجلت طفلي في مدرسة خاصة مختلطة ولا أعرف هل قراري هذا صحيح أم لا؟ قلت: وما الاختيارات التي أمامك؟ قال: إما أن أدخل طفلي في مدرسة حكومية تعليمها ضعيف وليس فيها اختلاط أو مدرسة خاصة تعتمد على المنهج الأجنبي ومتميزة في التعليم ولكنها مختلطة يتعلم فيها الذكور والإناث مع بعض، قلت: قبل الإجابة عن هذا السؤال ينبغي أن نفرق بين ثلاثة معايير لكي نستطيع الإجابة عن سؤالك، قال: وما هي؟

قلت: أول هذه المعايير أن يكون التعليم جودته عالية في المدرسة التي تختارها، وثانيا ألا يكون تركيزك في تعليم طفلك اللغة الإنجليزية علي حساب ضياع لغته العربية وثالثا أن تكون البيئة المدرسية محافظة علي الأخلاق والقيم والالتزام الديني، فلو توافرت هذه المعايير في مدرسة حكومية أو أجنبية لا فرق عندي لأن المهم هو تحقيق المعايير الثلاثة، ولكن حتى أكون صريحا أكثر معك فإنك لن تجد اليوم مدرسة تحقق لك كل هذه المعايير، وفي هذه الحالة ستضطر للتضحية ببعض المعايير ولذلك أنت محتار في الاختيار، قال: صحيح فأنا أدخلت ابني في مدرسة أجنبية مختلطة من أجل جودة التعليم ولكني غير مرتاح من هذا القرار لأن أغلب المدارس الأجنبية لا تراعي جانب الاهتمام باللغة العربية والمحافظة علي الدين، قلت: في الغالب نعم، وأما موضوع الاختلاط فالأفضل ألا تختار مدرسة مختلطة، وهذا ما تؤكده الكثير من الأبحاث العلمية والدينية، إلا لو كان التعليم في المرحلة التأسيسية، أما لو كنت مضطرا كأن تكون في بلد أجنبي أو لا يوجد لديك بديل، ففي هذه الحالة يكون ظرفك مختلفا، قال: هل تقترح أن أخرج طفلي من المدرسة؟

قلت: الموضوع يحتاج إلى موازنة ولا بد أن تفكر فيه بجدية فإذا كان طفلك سيفقد اللغة العربية والالتزام الديني فالجواب نعم، أما إذا كنت أنت وزوجتك ستعوضان له ذلك من خلال متابعتكم له بتعليمه اللغة العربية والقيم الدينية فلا بأس أن يكون طفلك في مراحله الأولى في المدرسة الأجنبية من أجل الاستفادة من قوة التعليم والتأسيس العلمي له وتعلم اللغة الإنجليزية، ثم بعد التأسيس تنقله لمدرسة لا اختلاط فيها.

قال: أنا وزوجتي من عائلة محافظة وعندنا التزام ديني والحمد لله، ولهذا يمكننا أن نعوض طفلنا في هذا الجانب لو قصرت المدرسة فيه، قلت: وماذا عن اللغة العربية، قال: أما أنا فضعيف فيها وكذلك زوجتي، ولكن لماذا أنت حريص عليها؟ فكل الأعمال اليوم بالدنيا باللغة الإنجليزية وهي أكثر لغة منتشرة في العالم، قلت له: صحيح ولكني أعرف عائلات كثيرة تحمست مثلك وأدخلت أطفالها أفضل المدارس الأجنبية وكانت النتيجة أن الطفل تميز في اللغة الإنجليزية وفقد العربية، فصار يتعامل مع القرآن وكأنه كتاب للتاريخ، وليس ككتاب رباني يرجع إليه كل يوم ليصحح مسار حياته ويسترشد منه ويعتبره مرجعا ينظم له حياته وآخرته

قال: كلامك خطير وأنا لم أفكر بهذه الزاوية، قلت: لو خيرتني بين أمرين: الأول أن أعلم طفلي تعليما متميزا ويكون متمكنا باللغة الإنجليزية وبالمقابل يكون ضعيفا باللغة العربية وبعلاقته بالقرآن أو الخيار الثاني وهو: أن يكون طفلي قويا باللغة العربية والعلاقة بالقرآن وضعيفا باللغة الإنجليزية لاخترت الثاني،

فالمعادلة في التعليم اليوم صعبة ولن تجد مدرسة تحقق لك كل طموحك وأمانيك، ففي بعض الأحيان تكون المدارس الحكومية أو الأهلية أفضل من الخاصة الأجنبية، وأحيانا العكس فيعتمد أنت في أي بلد وما هو مستوى التعليم عندك، ففي اليابان مثلا المدارس الحكومية أقوي من المدارس الخاصة، وكل مجتمع له طابعه الخاص.

ونصيحتي لك أن تختار المدرسة التي توفر لك البيئة الأخلاقية والدينية الجيدة، وتتعاون أنت وزوجتك في إكمال النقص التعليمي بتقوية ابنك باللغة العربية والإنجليزية، وأهم معيار هو ألا تكون سببا في خسارة دين ابنك من أجل التعليم.


تعليق واحد