تحقيقات وتقارير

حواء دائماً تدفع الثمن


منذ أن أدركت أن الحياة تقتضي وجود النصف الآخر ليكملها نسجت بمخيلتها هيئته وشكل وملامح عرشها، كل ليلة تعيش في كنف حلمها قاومت كثيراً من الإغراءات هذا الأمر الذي جعلها بعيدة عن واقعها تناست أنها محكمة بقانون لا يعرف شيئاً عن الخيال ولا يمت له بصلة، غرورها المستمد من ملامحها حطم بداخلها عامل المرونة في الحياة ولأنها لا تعي دليل الصلابة والتشدد نهايته الحرمان والفقد وفيما يقال عن جمال المرأة إن هناك حالة عشق بين المرأة الجميلة والحظ السيئ مرت عليها أوقات تمسك بالمرآة تبحث عن إشراقتها التي سرق بريقها لهيب الإنتظار المضني أجهدها وأضاف لها وأرفق لها لقب (عانس) بجانب ما تعانيه من ويلات الحسرة والندم الذي حصدته وكلما وضعت نفسها في مقارنة مع أندادها في العمر إزداد حجم الألم عندها ضعفاً إنزوت لتحافظ على توازنها النفسي الذي يصاحبه الإختلال يلمحه كل من كانت له سابق معرفة بها من قبل هي إحدى من كثيرات تجاوزهن قطار الزواج نتفق أن البعض منهن كان السبب الرئيسي فيه الإنتظار على حافة الترقب لشخص معين لم تسعفه عجلات الزمن في الوصول إليها بعض النظر عن الأسباب التي أدت إلى ذلك والبعض الآخر وهذا القليل من لم تتوفر لها فرص جيدة لتحظى بحياة أسرية يشاركه فيها أحد تأمنه عليها وعلى أبنائها فيما بعد أن الواقع المعاش مكبل ومقيد للعديد من الرؤى المدعمة من فضاءات الخيال الذي يحتاج منا أن نصالحه على الواقع وتعديله للحصول على كل مبتغى وهدف مرجو.
لفظ وتسمية (عانس) أو (عنست خلاص) يظل كالإسم رفيقاً لكل من عاشت أحلاماً أبعدتها عن حاضرها وحاضراً حاصرها بكل قوته في نطاق ضيق تكاد تختنق منه وتتضور ألماً لم يكن ذنبها سوى الأحلام التي صارت أوهاماً عاشت على أمل تحقيقها.. (السياسي) كانت لها وقفة مع عدد من الآراء تفاصيلها بين هذه الأسطر:

بعد أن جلست بجانبي بتلك المركبة تجاذبنا أطراف الحديث حول مواضيع عامة، كانت عفوية جداً ويبدو على ملامحها بقايا عنت من التقاسيم المرهقة، سألتها: هل رفضت الزواج لأن فارسك لم يأتِ بعد؟؟ أجابت: إنتظرته أكثر من (15) سنة منذ أن كنا بالحي معاً منذ الصبا حتى تغرب وحينما عاد اختار أخرى لتكمل معه المشوار لم يكن أمامي سوى الدموع والعزلة لفترة من الزمن صدمت به جعلت بداخلي حصناً منيعاً ضد الجنس الآخر فلكي أن تتخيلي طعم الخذلان وضياع العمر الذي أفنيته من أجله كانت كلماتها سهاماً تقطع القلب إلا أنها قالت إنها قسمة وكل أمر بيد الله مهما حاولت تغير مساره لن تستطع لأنك مسير.. لم أجد عبارات مناسبة لحظتها ففضلت الصمت والهروب لموضوع آخر بعدها كنت أمر بموقف المواصلات لمحت عدداً من الشباب من الجنسين بعد التعريف بهويتي ومضمون ما أتحدث عنه خرجت عبارة من إحداهن (شوفي دا غباء من البنات كيف يعني إنتظر أكثر من (3) أو (5) سنوات عشان يجي البيت وبعدين إذا ما حصلت قسمة أنا أكون ضيعت عمري عشانو مستحيل).. كانت تلك المفردات كفيلة لتخليصها من هذا اللقب البائس وهي تفكر بتلك الطريقة العقلانية لأنها تتحدث بعين المنطق والعقل.. ليرد عليها أحدهم إذا كانت ترى أنه يناسبها وجاد فيما يقول بمعنى أن مؤهلاته تناسبها لا مانع في الإنتظار لأنها تكون بذلك حققت حلمها وكان لسان حاله يقول مثلما قالت إحدى الروايات إن لم تسارع في تحقيق حلمك سينجح أحدهم في تحقيقه بدلاً منك.. كل من هذه الآراء بها جانب العقل لكن هنا تقاس الأمور عند كل شخص بزاويته التي ينظر من خلالها وكيفية رؤيته لأبعادها إستأذنتهم بعدما أخذت ما أريد منهم وتركتهم يتناولونه بشكل أوسع نتفق في أن حواء هي من تدفع الثمن غالباً نظير الترقب لشيء معين والعناد الذي يعود سلباً عليها وتلاحظ أن تزايد نسبة (العنوسة) بدلاً من (عايزة الأحسن) فرض عليها الوضع الإقتصادي الراهن فأصبحت هي تريد وهو يريد وواقعهما يفعل ما يريد.

السياسي


تعليق واحد