منوعات

سعادة البشر وتعاستهم في طعامهم


دعا خبراء التغذية الناس إلى الدقة في اختيار نوعية الأطباق التي يتناولونها يوميا، مشيرين إلى أن الأطعمة لا ترتبط فقط بحاجتنا البيولوجية للأكل، بل هي أيضا تتفاعل مع هرموناتنا وتحفز أدمغتنا وتشعرنا بالسعادة أو تسبب لنا الضيق والانزعاج، وقد يصل الأمر إلى حد إصابتنا بأمراض نفسية وعقلية.

وأكدوا أن مكونات الطعام يمكن أن تؤثر بشكل أو بآخر على الحالة المزاجية والنفسية للأشخاص، إضافة إلى أنها قد تحتوي على أنواع عديدة من البكتريا الضارة والفيروسات والطفيليات والمواد الكيميائية المضرة.

وحذروا من الانصياع اللاواعي لأفكار برامج الطهي التي قد تدفع بعض الأشخاص إلى اقتناء مكونات مكلفة لعمل وجبة شهية في الشكل ولكنها في واقع الأمر وبال على الصحة.

وعلى الرغم من أن أبحاثا سابقة ربطت أسباب الإصابة بالاكتئاب والقلق بالمشاكل العاطفية والنفسية التي يتعرض لها الناس في حياتهم، فإن نتائج العديد من الأبحاث الحديثة تجمع على وجود علاقة وثيقة بين الغذاء والأمراض النفسية.

وتؤكد أن طبيعة الغذاء ونوعه يفاقمان أعراض العديد من الأمراض مثل الفصام والكآبة والقلق والهلع، مشيرة إلى أن نقص بعض الفيتامينات والمواد المعدنية والحوامض الشحمية يمكن أن يترك تأثيرات طويلة المدى على المزاج والصحة العقلية، مثل ظهور أعراض داء الفصام عند حصول نقص في فيتامين “بي”.

وهناك أيضا العديد من العلاقات المعقدة بين أنساق الغذاء والصحة العقلية، فالمواد الكيمياوية التي تقوم بنقل الإيعازات العصبية تتأثر كثيرا بنوع الغذاء الذي يتناوله الشخص.

50 دراسة طبية تجمع على أن النظام الغذائي لدول البحر المتوسط هو الأمثل للحفاظ على الصحة
وتشير الأبحاث إلى ولادة ملايين الأطفال سنويا بقدرة أقل على التعلم والإدراك جراء عدم حصولهم على ما يكفي من اليود في الغذاء، وخصوصا بسبب تناول أمهاتهم أطعمة غير صحية أثناء فترة الحمل.

ويساعد وجود اليود الغدة الدرقية، الموجودة في أعلى العنق، على إنتاج هرمونات في غاية الأهمية لنمو الجسم، وتنظيم عدد من الفعاليات الحيوية وتنميتها في الجسم. ويمكن أن يؤدي نقص اليود في أجسام الأطفال إلى تراجع معدلات الذكاء بمعدل 15 نقطة.

وكشفت دراسة علمية جديدة أن من شأن تناول الأطعمة المقلية واللحوم المصنعة، والحلويات ومنتجات الألبان الغنية بالدهون التأثير على المزاج عبر زيادة الالتهاب المرتبط بالاكتئاب. وأوضحت أن خفض الفرد استهلاك مثل هذه الوجبات يمكن أن يحسن حالته المزاجية ويجعله قادرا على التحكم في عواطفه. وقد استخلص الباحثون هذه النتيجة بعد دراستهم لعينة تتكون من نحو خمسة آلاف شخص، لمعرفة العلاقة بين الدهون الضارة التي توجد غالبا في الأطعمة السريعة والحلويات، وبين قواعد ضبط المشاعر.

وبعد قياس كميات السعرات الحرارية من الدهون المتحولة، والمعروفة علميا باسم “الأحماض الدهنية غير المشبعة” لدى هؤلاء الأشخاص، بالإضافة إلى فحص الاستجابات العاطفية لهم، استنتج الباحثون أن الأفراد الذين لديهم كميات أعلى من الدهون غير المشبعة، يعانون من صعوبات في مستوى الوعي العاطفي، فضلا عن انخفاض مستوى الوضوح العاطفي.

وفي المقابل، فإن أولئك الأشخاص الذين تقل لديهم كميات الدهون المتحولة يتمتعون بزيادة العاطفة الإيجابية وانخفاض المشاعر السلبية.

وكان باحثون بريطانيون قد أشاروا في دراسة سابقة إلى أن الأشخاص الذين يعتمدون في تغذيتهم اليومية على أطباق غنية بالفواكه والخضار يشعرون بالسعادة أكثر من غيرهم الذين لا يعتمدون على هذه المواد. وقال دانيل بلانشفلور، الباحث بجامعة دارتموث “إن هذا قد يكون سبب وجود العديد من النباتيين الأغنياء والسعداء، لقد أسسنا صلة هنا، ولم نتوقع أن نجد أي شيء في البداية، لقد كانت نتيجة مفاجئة”.

أبحاث طبية تؤكد أن طبيعة الغذاء ونوعه يفاقمان أعراض العديد من الأمراض مثل الفصام والكآبة والقلق والهلع
ويعتقد الخبراء أنه بالإمكان تحسين الحالة النفسية لمن يعانون من الاكتئاب من خلال إحداث تغيير بسيط في نوع الطعام الذي يتناولونه. ورجح باحثون أستراليون، أن النظام الغذائي لدول البحر المتوسط يمكن أن يجعل الأشخاص أكثر سعادة وأقل شعورا بالتوتر.

وقد توصلوا إلى هذه النتيجة بعد متابعتهم عادات الأكل عند أشخاص تتراوح أعمارهم ما بين 18 و65 عاما، ممن كانوا يعانون من الاكتئاب ولهم نظام غذائي غير متوازن. ىوبعد إعطائهم أطباق أطعمة من حوض البحر الأبيض المتوسط الغنية بالحمض الدهني أوميغا-3 والتي تحتوي على أسماك وخضروات وفواكه وزيت الزيتون ومكسرات، تحسنت نفسيتهم بشكل ملحوظ. وقالت ناتالي بارليتا، مديرة الأبحاث في جامعة جنوب أستراليا إن اتباع نظام غذائي فقير يعزز تطور الاكتئاب.

وعلى الرغم من إجماع أكثر من خمسين دراسة طبية على أن النظام الغذائي لدول البحر المتوسط هو الأمثل للحفاظ على الصحة الجسدية والنفسية،إلا أن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “فاو” حذرت من أنه يواجه خطر الزوال.

وأشارت في تقرير عرض في المعرض الدولي في ميلانو “اكسبو 2015” إلى أن “منطقة المتوسط تشهد عملية انتقالية غذائية تبعدها عن نظامها الغذائي التقليدي الذي لطالما اعتبر نموذجا لحياة صحية”.

جريدة البشاير