صلاح الدين عووضة

لسنا (قشاً) !!


*وأنا صغير كنت مبهوراً بالقوة التي تُنسب إلى اثنين من رفاقنا..
*كنت أنظر إليهما كما ينظر الناس الآن إلى بروك ليسنر وأندر تيكر..
*أو كما كان ينظر المصريون – أيام شباب نجيب محفوظ – إلى (فتوات بولاق)..
*ومن شدة إعجابي بهما كنت أفاخر بأنني رافقت مجدي إلى الجهة الفلانية مثلاً..
*أو أن بكري أعطاني حفنة من تمر (أبتي مودا) الذي كان يضعه في جيبه..
*أو أنني جالستهما الاثنين معاً حين كانا يخططان للانتقام من (صعاليك) حلة العرب..
*وعصر يوم وجدت نفسي أخوض معركة مع أحدهما لم أختر لها زمانها ومكانها..
*أو بالأصح ؛ ما كنت لأختار زمانها ومكانها أبداً لو أنني كنت (واعياً لنفسي)..
*أي مدركاً لهول الخطب الذي كنت بصدد إقحام (نفسي) فيه وقتذاك..
*ولكن نفسي هذه فوجئت بالذي كان يهاب (الأسدين) يفتك بأحدهما فتك السبع للظبي..
*وسمعت حينها صوتاً يصيح بجوارنا (باللاهي أتاريك انت قش؟!)..
*ولولا الغضب الذي عطل حاسة الخوف بداخلي لما اكتشفت – والصائح هذا – أن فلاناً (قش)..
*ولما أدركت حجم (الوهم) الذي كنت أعيش فيه – والرفاق- سنين عددا..
*و(هم) أن مجدي وبكري أقوى من صاحب هذه الزاوية – وصبية الحي كلهم – بكثير..
*وانقلب الانبهار من جانبي تجاههم إلى (احترام) كبير من تلقائهم نحوي..
*وكذلك (الأقوياء) في بلادي- عدا قلة – يتوهمون أنهم محض (قش) قياساً إلى الأخرين..
*وأعني بالآخرين هنا الذين نحس إزاءهم بعقدة النقص من الشرقيين والغربيين والأعراب..
*أما مفردة (الأقوياء) فاقصد بها المتميزين في المجالات المهنية كافة..
*فلننظر إلى مصر القريبة هذه لنرى كيف يشعر المبرزون فيها بقيمتهم..
*وشعورهم بقيمتهم هذا ينعكس إيجاباً في تقويم – ولا يصح أن نقول التقييم- الآخرين لهم..
*وللسبب هذا اشتهر الكثيرون منهم – خارج الحدود – في مجالات الطب والعلوم والأدب والصحافة..
*اشتهر-على سبيل المثال- مجدي يعقوب وأحمد زويل وفاروق الباز ونجيب محفوظ وأنيس منصور..
*وكل واحد من هؤلاء قد يكون لدينا مثله – وأكثر- ولكن يُقعد بنا توهم التضاؤل حيال (قوة) الآخرين..
*فلننفض عن أنفسنا غبار وهم الخوف من (قوة) الآخرين هؤلاء لنشعر بقيمتنا..
*فقد نصيح عند اكتشاف أننا الأقوى (باللاهي أتاريكم قش؟!).
الصيحة