داليا الياس

احتمال أبيت برة


#تمردت بعض الفتيات على سطوة الوالد والأخ بدعوى الحرية الشخصية والتحضر!! وأذعن أولئك لهذا التمرد لأسباب بعضها منطقي وبعض غير ذلك، ولكنها جميعاً تؤكد ضياع الهيبة والمروءة و(حرارة القلب)!.
# حقيبة بنات تعرف بـ (احتمال أبيت بره)! وطرحة اسمها (عدم الولي)! كلاهما يشير بوضوح للتغيير الجذري في العلاقات داخل الأسر، فلم تأت تلك المسميات اعتباطاً، ولكنها انعكاس صادق لواقع مزر تترتب عليه الكثير من السلبيات والجرائم الأخلاقية والظواهر الغريبة غير الحميده.
ودونكم ما يؤكده القائمون على أمر دار المايقوما الذين يكونون في مطلع شهر سبتمبر من كل عام على أهبة الاستعداد لاستقبال الأطفال مجهولي النسب، ثمار العلاقات المحرمة، التي تمت احتفالاً برأس السنة الميلادية بين الشباب (فاقدي الرعاية الوالدية)، وهو الاسم الأنسب لهم، إذ أن مصيبتهم في والديهم أكبر كونهم يعيشون في كنفهم دون أن يدروا عن تفاصيل حياتهم شيئاً، وهم بالمقابل لا يريدون لهم أن يدروا!
وشاء المترفون من بني وطني أم أبوا، فإن الوقائع والملاحظات تؤكد أن أبناءهم المدللين يسجلون أعلى النسب في الانحراف والاستهتار، فقد تركوا لهم الحبل على الغارب بعد أن دفأوا جيوبهم بأوراق البنكنوت ليعوضوهم عن الغياب الدائم والتقصير عن لعب دور الوالد أو الوالدة كما يجب. وتفرغ هؤلاء الأبناء المساكين بدورهم لممارسة هواياتهم المتطرفة، فأدخلوا علينا كل تلك الظواهر السالبة في الشارع العام، وكل تقاليع الموضة الغريبة بمسمياتها التافهة، ولا عزاء لأبناء الكادحين الذين لا يزال بعضهم متشبثاً بالزي المعتدل من القمصان السادة ذات الأكمام الطويلة وبناطلين القماش المحترمة، مثلما تمعن بناتهن في التمسك بالعباءات الثقيلة المحتشمة أو البلوزات الفضفاضة وحقائب اليد البسيطة التي يتلاءم حجمها مع محتوياتها، ولا يحتمل أن يكون بداخلها أدوات كاملة للمكياج أو قمصان نوم (لزوم المبيت برة) الذي لا يحتاج عند أولئك لاستئذان أو تخطيط مسبق.
# غير أن المؤسف في الأمر هو انجراف بعض شباب الأسر الملتزمة وراء ذلك التيار المنفلت ليصبحوا تبعاً لأولئك الشباب الطائشين حتى أصبح من المعتاد أن نرى بين أفراد أي شلة واحداً تبدو عليه ملامح الانكسار والخلعة، يمعن في (تكسير التلج) فقط لينال الرضا، ويقبلوا أن يصحبهم في رحلة أو إلى حفلة أو يتفضلوا عليه بتعليمه رقصة أو أغنية أجنبية أو يسمحوا له بمجالسة بعض فتياتهم، أو إن شئنا الدقة محظياتهم.
لقد خرج الحياء عند معظم الشباب ولم يعد وقد لا يفعل، أصبح الشارع العام موبوءاً بالفوضى والضحكات العالية و(التفحيط) والمعاكسات جهراً دون تمييز.. فقدوا القدوة والهدف والطموح.. ولا يمكننا أن ننكر دورنا البارز في ما باتوا ليه، فقد تراجعت هيبة الوالد وسلطاته باختياره أو رغماً عنه.. أتحنا المجال لأبنائنا للنقاش بدعوى التحضر، فتحول إلى جدال، ومن ثم إلى شجار؛ حتى لم يعودوا يكترثون كثيراً للأخذ برأينا أو طاعة أوامرنا، ويقومون بما يريدون القيام به وفق رغباتهم الشخصية غير الناضجة.
لم يعد الكثير من الآباء يعلمون شيئاً عن المستوى الدراسي لأبنائهم ولا نوعية أصدقائهم، ولا كيف، وأين يمضي أحدهم يومه ولا متى يعود للمنزل.. وكنا حتى وقتٍ قريب نبيح كل ذلك للشباب، معللين أنفسنا بأنهم سرعان ما تمضي بهم السنوات نحو النضج، فيقلعون عن كل ما يقومون به من تلقاء أنفسهم ويصبحون أكثر اعتدالاً، وهذا محتمل!. ولكن ماذا عن فتياتنا اللائي أصبحن يعيشن حياتهن بالطول والعرض ويخرجن من البيت ويعدن إليه متى شئن بينما تكتفي الأم ببعض الصراخ في وجوههن، وتمعن في التستر عليهن على اعتبار أن بناتها راقيات ومتحضرات! فماذا هن فاعلات حين يبلغن سن النضج المرجوة تلك ويبدأن على التحسر على كل الليالي التي تحول فيها احتمال مبيتهن (بره) إلى واقع!! وللحديث بقية.
# تلويح:
انتبهوا أيها اللاهثون وراء العيش الرغيد.. فالمال لا يشتري الشرف ولا النجابة ولا بر الوالدين.