جمال علي حسن

أين أنت يا ياسر ميرغني


في ظل فوضى الأسعار وتزايد الضغوط المعيشية على المواطنين واستمرار غياب الخدمات وانتهاك حقوق المستهلك نفتقد دور جمعية حماية المستهلك في هذه الظروف.. نفتقد تلك الجمعية النشطة التي أسهمت خلال السنوات العشر الماضية بدور ريادي في الارتقاء بالوعي الاستهلاكي في المجتمع السوداني، وتعريف المواطن بحقوقه الاستهلاكية فضلا عن النقلة الكبيرة التي أحدثتها هذه الجمعية على مستوى الوعي الرسمي بأهمية ضبط الجودة وحماية حقوق المواطن.
لم نكن بطبيعة ثقافتنا السودانية الاستهلاكية – ثقافة (أصغر منك دوسو) – ننتبه لتفاصيل مهمة مثل ديباجة صلاحية السلع التي نستخدمها، لم نكن نكترث كثيراً بمستوى وبيئة المطاعم الصحية والكافتريات، لم تكن فتيات السودان يكترثن كثيرا بمخاطر المساحيق والكريمات والبلاوي الكيميائية والسرطانات المعبأة في عبوات التجميل، لم نكن نعرف كيف نتخلص من النفايات بطريقة صحية، ونتجنب حرق أكياس النايلون والمواد البلاستيكية وسط الأحياء بما يترتب على مثل هذا السلوك من مخاطر صحية قاتلة.. لم نكن نعرف الدايوكسين المسرطن.
لقد كانت جمعية حماية المستهلك السودانية النشطة تساعد المواطنين كثيراً في التوعية بمثل هذه التفاصيل والتنبيه للمخاطر الصحية.. ونجحت في حمايتهم من مصائب كثيرة في الأسمدة والإسبوستوس.. كانت تساعد الدولة في حفر قبر أبيها قبل أن تقوم الدولة (بدس المحافير) عن هذه الجمعية بسبب أخطاء وتجاوزات محدودة وعابرة وغير متكررة لحدود النقد وخطوطه الحمراء..
الجمعية ليست منظمة سياسية لكن السلطة تعاملت معها بحساسية عالية ومارست معها سياسة عقابية مدمرة وبأنفاس متوترة غير مبررة إطلاقاً، حتى لو افترضنا أنها كانت مبررة في حدود الزمان والمكان الذي حدثت فيه فإن استمرار تلك الإجراءات حتى يومنا هذا غير مبرر.
حدث عرضي، وقع في شهر مايو الماضي كانت نصف الغضبة التي صدرت عن السلطات في ردة الفعل حيال هذا الحدث تكفي تماماً لاعتباره موضوعا انتهى، أو يجب أن ينتهي.
حقاً نفتقد نشاط جمعية حماية المستهلك ونفتقد تصريحات دكتور ياسر ميرغني وحملاتهم الناجحة ونفتقد منتدى الجمعية.. أطلقوا سراح هذه الجمعية وأطلقوا يدها حتى تعود لتقلق وتزعج وتعرقل جشع التجار، وتساعد في كبح وفرملة غول الأسعار الذي (امتص رحيق براءتنا وشهية طعم أصالتنا) كما يقول الشاعر.
نريد من ينظم لنا حملات مقاطعة تكبح جماح جشع السوق وتبطل مفعول شهوته فينا، نريد مثل حملة مقاطعة اللحوم التي نجحت ذات يوم في ضبط أسعار اللحوم.. أين أنت يا ياسر ميرغني..؟
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.