احلام مستغانمي

ولا أُذُن لمن هرب!


إذا أردت الوصول إلى برّ الأمان، فلا تغادري البرّ أصلًا. ابقي على سطح الأشياء. لأنّك كلّما ذهبت عمقًا، أعطيت المشاعر فرصةً للفتك بك، وفتحت نوافذ تطلّ على مزيد من الذكرى.
تريدين أن تنسي، تمدّدي على الشاطئ بعد أن تحمي بشرتك بكريم واقٍ من الأشعّة فوق البنفسجيّة للحنين. (جدّدي وضع الكريم كلّ ساعتين حسب نصيحة أطبّاء الجلد. فالحنين قد يخترق مسامّك من حيث لا تدرين، ذلك أنّ من تحبّين ملتصق بجلدك وهو ما لم تحسبي له حسابًا. فكلّ الأغاني العربيّة كانت تؤكّد أنّ مكانه في قلبك: خطأ عاطفي جغرافي آخر وقع العرب في فخّه. ولو كانوا توفّقوا في تحديد المواقع الاستراتجيّة لما كنّا خسرنا تلك الحروب!).
ولأنّك، يا “وليّة”، لستِ على مستوى المعارك المصيريّة، اكتفي بالتمدّد على الشاطئ والتفرّج على البحر، وأنتِ تحت شمسيّتك الزاهية الألوان؛ ألوانُها الزاهية جزء من علاجك النفسي، وكذلك كرسي الاستلقاء بوسائده المريحة.
لا تُبحري بذريعة النسيان، نحو الماضي، بحثًا في جثث البواخر الغارقة عن ذكرياتك الجميلة.
في ذلك العالم السفلي المُعتِم للمشاعر، قد تفاجئكِ كائنات بحريّة مفترسة، تتربّص بنزولك دون زوّادة الأوكسيجين نحو الأسفل… سيحلّ بك ما حلّ بنزار..
فيأخذك الموج نحو الأعماق، وتصيحين «إنّي أتنفّس تحت الماء.. إنّي أغرق.. أغرق.. أغرق..» ولا أحد سيستطيع من أجلك شيئًا.
لا صوت لمن يغرق.
ولا أُذُن لمن هرب!
” نسيان كم”