منوعات

«السيلفي» تشوّه صورة العمل التطوعي


«السيلفي» أحد أقوى الظواهر العصرية التي اكتسحت العالم متخطية حدود السرعة والزمان والمكان، لدرجة أنها كسرت حواجز التضاريس الاجتماعية والإنسانية، غير مكترثة لأي ردود أفعال كانت، ومؤخراً طفت إلى السطح ظاهرة ربط العمل التطوعي بصورة «سيلفي» توثق قيام الفرد بأعمال إنسانية خيرية وتطوعية؛ البعض اعتبر هذه الخطوة مؤشراً يشجع الآخرين على القيام بمثل هذه الأعمال، بينما وصفها آخرون بأنها مجرد دعاية شخصية وإظهار لـ«الأنا» ليس أكثر.

طرق تقليدية

وأوضحت حمدة العامري رئيس فريق «أسعد شعب» التطوعي، أن «سيلفي» الأعمال التطوعية مرفوضة تماماً، ذلك لأن العمل التطوعي بمختلف أشكاله الإنسانية والخيرية والمجتمعية لا يستوجب الإعلان عنه للملأ، مشيرة الى أنها خلال مزاولتها للعمل التطوعي فهي تتكتم على إتمام واجبها الأخلاقي والإنساني، ولا تسعى إلى الدعاية الشخصية بتاتاً.

وأضافت أنها لم يصدف أن التقطت صورة «سيلفي» أثناء أدائها للعمل التطوعي، وإن كان ذلك يتم عبر الوسائل الإعلامية التقليدية المشروعة من وجهة نظرها، لافتة إلى أن لـ«السيلفي» مفعولا مؤثرا في وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنها تحمل بين طياتها شيئاً من السلبية، وربما تشوّه روح العمل أو قيمة الشخص المجتمعية.

وأشارت العامري الى ان الدين يحثنا بشكل دائم على فعل الخير والتطوع وخدمة المجتمع بما يعود بنتائج إيجابية تضفي الكثير من الروحانية الأخلاقية والشخصية والمجتمعية على العمل.

أثناء الواجب

علاء مروان آل حرز الله، المستشار في الإرشاد والتوجيه الأسري، ونائب رئيس فريق «أسعد شعب» التطوعي، أوضح أن ظاهرة تصوير «السيلفي» باتت في الآونة الاخيرة تلقى رواجاً متزايداً ولا تستثني مهام، من قبيل الأعمال التطوعية، بطريقة ربما تحمل بعض السلبيات، مشيراً إلى أنه لم يلتقط يوماً أي صورة «سيلفي» خلال أداء الواجب التطوعي، لكنه يحرص على التواجد في صورة جماعية مع فريق التطوع للذكرى ولتوثيق ورصد الأعمال التطوعية، وذلك بعد الانتهاء من أداء المهمة.

وأكد حرزالله حرصه الدائم على تنبيه فريق المتطوعين أن من أخلاقيات وأبجديات الانضمام إلى الفعاليات التطوعية عدم التقاط صور من هذا القبيل اثناء اداء الواجب التطوعي، وذلك لحفظ صورة ومبدأ وروح العمل، ففي ببعض الأحيان يقترن العمل بصورة أكثر سلبية، موضحا أن بعض الأشخاص يربطون العمل التطوعي بالسيلفي كنوع من الدعاية الشخصية وهناك يتجلى أحد أسوأ الأشكال السلبية للعمل التطوعي.

الجانب الديني

وتطرق المستشار علاء إلى الجانب الديني ونظرته إلى مثل هذه الأمور، إذ ان الدين يحثنا على التكتم في أكثر الأحيان على فعل الخير أو القيام بأعمال انسانية، لكن في بعض الأحيان يكون الكشف عن العمل هدفاً سامياً، وأضاف: فإذا بادر الشخص مثلا بعمل خيري ما ونشره بطريقة محفزة وإيجابية ومشجعة للآخرين، يكون قد ساهم بطريقة غير مباشرة في تكوين صورة حسية مفعلة للمبادرة والإنجاز لدى أشخاص آخرين، أما الجانب السلبي في ذلك فيكون غالباً في نية بعض الأشخاص تجاه صورة السيلفي، لنشرها بطريقة مشوهة لهدف العمل، ولابد من التنويه إلى أنه ليس هناك أي مانع من التقاط صورة «سيلفي» توثيقية، لكن بطريقة تحفظ خصوصية الآخرين.

نعم للسيلفي

أما حنان السماك، مسؤولة برنامج «حياتك» الذي ينشر على قنوات التواصل الاجتماعي «يوتيوب»، ومنسقة علاقات عامة في دائرة الشؤون القانونية، فاعتبرت السيلفي في العمل التطوعي ظاهرة طفت إلى السطح في الفترة الأخيرة، وقالت إن العمل الخيري يصعب وصفه أو تحديد أطره، خاصة أن ما يتم تقديمه للمجتمع يكون ذا خدمة مجتمعية وذا مردود إيجابي لكلا الطرفين، فالعطاء هو تحقيق الذات والسعادة الذاتية، لإضفاء تأثير إيجابي مفعم بالحيوية على الشخص والمجتمع بأسره.

وأكدت السماك أنها تبادر برصد العمل التطوعي عن طريق «السيلفي» لكن بعد أن تكون قد انتهت من جميع مهامها، وبعد أدائها لواجبها التطوعي والإشراف على العمل، وحين تلتقط صورة «سيلفي» يكون ذلك بغرض التغطية الإعلامية والنشر عبر وسائل التواصل لأهداف إيجابية، منوهة إلى أن بعض الإعلاميين يلجؤون أحياناً الى هذه الوسيلة للتعريف بالأعمال التي يقومون بها بأسلوب محفز لشريحة كبيرة من المجتمع.

طي الكتمان

قالت حنان السماك:

إن الدين لا يحض قطعاً على أن يظل العمل الخيري طي الكتمان، وصحيح أن هناك أعمالا يجب إخفاؤها؛ في المقابل؛ من المهم أن ندرك أن هناك أعمالاً يجب أن تصل إلى المجتمع، بهدف التثقيف والتحفيز وتوعية الآخرين، وأيضا لنشر مبادئ ديننا الحنيف بأسلوب حضاري يحاكي الاهتمام العالمي، و«السيلفي» أو وسائل التواصل الاجتماعي من أسرع الأدوات انتشاراً وتأثيراً.

البيان