منوعات

مضيفة جوية تعيش في الفضاء وتزور الأرض


تمنت أن تعرف كل شاردة وواردة في هذا الفضاء الواسع الممتد.. الذي أصبح إدماناً ومحبة (أعيش في الفضاء وعلاقتي بالأرض أصبحت زيارة) السفر أحياناً يتحول الى روتين يومي وأحياناً مكاناً مثيراً رغم أننا نكرر نفس العبارة ونفس الطلب، ربط الأحزمة، والتنبية للأكسجين، والسترة الواقية، إغلاق الهاتف وبث الطمأنينة والسكينة في نفوس المسافرين الذين تتباين أفكارهم ومشاعرهم، فقد تجد من أصبح السفر عنده عادة تكاد تكون اسبوعية لذا قد ينام قرير العين، وهناك من يظل خائفاً طوال الرحلة..

ناريمان يوسف المضيفة الجوية قيل لها في البداية هذه المهنة تحمل في طياتها تعباً وإرهاقاً وضغطاً نفسياً وجسدياً قد يكون غير محتمل.. كما أنها تتطلب العمل في ارتفاعات عالية وحركة مستمرة ( في بداية عملي شعرت بالخوف من الطائرة، وحاولت أن أخفي هذه المشاعر- لا يمكن أن أخاف واطمئن غيري- هذا ما ظللت اردده في ذلك الوقت).مضيفة
هل الشجاعة صفة تكتسب أم هي من صميم تكوين الإنسان (اعتقدت أن الشجاعة أمر فطري في الإنسان، فاكشتفت أنها قد تكتسب بمرور الوقت، لأنني الآن أنسى نفسي وأحاول حماية الآخرين رجالاً ونساء وأطفالاً.. أذكر في إحدى رحلاتي الداخلية الى مدينة الجنينة، طلبت مني امرأة في الاربعينيات من عمرها أن تجلس جواري في المكان المخصص لنا نحن المضيفات، ولم تجدي كل محاولات تطميني لها، فقد كانت مصرة على موقفها، لذلك ظللت أتابعها واطمئنها بين الفينة والاخرى، لأن خوفها كان واضحاً لدرجة أننا خفنا أن ينتقل الى بقية الركاب)
إدارة الحوار وحسن التصرف من ضمن مطلوبات عمل المضيف الجوي، خاصة وأن هناك تعدداً في أمزجة الركاب فقد تجد رجلاً أو امرأة تود أن تسأل عن كل تفصيلة وترى أنها مهمة (عندما يشعر الركاب بالاطمئنان تجد من يسأل عن المكان الذي يتجه اليه وعن عادة شعبه، اتيحت لي فرصة أن أزور الكثير من الدول، كما أنني قابلت شعوباً كثيرة، ما يميز السوداني أنه محب لمعرفة ادق التفاصيل، كما أنه مبتسم عكس مايقال عنه (مكشر طوالي) بل العكس.. السودانيون يوزعون الابتسامة ما ان تتاح لهم الفرصة،
أذكر أنني واجهت مطبات جوية كثيرة ومخيفة، لكنها سرعان ما تنجلي، وبعد ذلك تجد من يضحك وهناك من يظل خائفاً حتى نهاية الرحلة،
الجمال مهم في هذه المهنة لكن الأهم من ذلك الاريحية وإشعار الركاب بأنهم في أمن وآمن.. والجمال قد يتوفر في الترتيب والنظام يقال إن عدم نقل العمل الى البيت أو العكس من ضمن النجاحات، لكن المضيفة ناريمان وجدت نفسها شديدة الحرص على الترتيب والنظام الذي تعلمته من مهنتها التي تحبها.

مصعب محمدعلي
اخر لحظة


تعليق واحد