الصادق الرزيقي

أيــــــن أنـــتــــــــم؟


> شيء يدعو للحزن على حال الأمة العربية من المحيط إلى خليجها، والإسلامية من جاكرتا إلى طنجة، فقد بلغت المهانة حداً لا يوصف بمقدسات المسلمين وخاصة المسجد الأقصى الذي يتم اقتحامه باستمرار من قوات الاحتلال الصهيوني بُغية الاستيلاء عليه وطمس هويته وتهويده، وتجري على مدار الساعة من فترة طويلة انتهاكات متتالية لحرمة هذا المسجد أولى القبلتين، وتتم أعمال الحفر تحته لهدمه بحثاً عن وهم تلمودي ما يسمى بهيكل سليمان، ففي باطن الأرض يجري الحفر وعلى ظهرها يدنس اليهود باحات المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وتجتاح عرصاته والشعب الفلسطيني وحده نيابة عن الأمة كلها يواجه بصدور مفتوحة وجراح تدمي هذا الصلف والعدوان الصهيوني، وببسالة نادرة يواجه المصلون الرصاص والقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي وكل أشكال الاعتداء والتدنيس، دفاعاً عن الحرم المقدس ومسرى المصطفى صلوات الله وسلامه عليه.
> من فترة ليست بالقصيرة، تم التحذير من التراجع المخيف للقضية الفلسطينة في وسائل الإعلام العربية، بل تدحرجت إلى آخر سلم الأولويات لدى الرأي العام العربي، المنشغل بأخبار الربيع العربي والأزمات المصنوعة في العراق والوضع في سوريا واليمن وليبيا ومصر، وانكفأت الدول العربية والإسلامية على ذاتها، ولم يعد هناك تركيز واهتمام كما كان في السابق بهذه القضية المحورية لأمتنا التي تواجه أصعب الأوقات وأشدها ظلاماً، يحدث ذلك والمشروع الصهيوني يتمدد، بل صار الإعلام العربي المشغول بقضايا أخرى أو بالمسلسلات والأفلام وبرامج الترفيه والأغاني التي تخاطب الغرائز، لا يأبه وينتبه لخطورة ما يجري في أرض فلسطين، فلا يهم لدى الكثير من وسائل الإعلام والقنوات الفضائية والصحف ماذا يعنيه ما حدث بالأمس من اقتحام الجيش الصهيوني المحتل أمس، لباحات المسجد الأقصى وإشعال النيران في صحنه وداخل المصلي القبلي وإطلاق الرصاص المطاطي والقنابل الحارقة ومسيل الدموع لإخلائه من المصلين والمعتكفين..! وماذا يعني دخول المستوطنين اليهود ومعهم أوري إرئيل وزير الزراعة الصهيوني وهو من غلاة المتشددين في حكومة نتنياهو الى داخل الأقصى (الأسير) وتدنيسه بأرجلهم وأجسادهم النجسة..؟
> ما يحدث هذه الأيام رسالة صهيونية وقحة للحكام العرب والمسلمين ولشعوبهم كافة، يجب علينا ألا نسكت عليها، وهنا لا تكفي على الإطلاق عبارات التنديد والشجب والإدانة، فهذه صارت من الحفريات البالية في القاموس السياسي العربي لا يعيرها أحد التفاتاً وتسخر منها آلة الإعلام الصهيونية كل يوم، لقد تمدد المشروع الصهيوني في ظل خلافاتنا وتراجعات الثورة والصحوة في الوطن العربي، لقد تم التآمر على الشعوب، وخرجت دول مهمة في المنطقة من حلبة الصراع مثل مصر والعراق وسوريا بما جرى فيها من ارتدادات للربيع العربي وانتكاسات لتطلعات الشعوب في النهضة والحرية والكرامة.
> نحن نعيش في وطن ممزق مثخن بالجراح، وأمة فقدت القادة وخسرت من يمسكون بالدفة ليقودونها الى مواطن العزة والكبرياء، فهل هناك من يسمع نداء الأقصى وينتفض ويغضب ويثأر له؟.. السؤال هنا ليس عن الجامعة العربية التي شبعت موتاً، ولا منظمة التعاون الإسلامي او النظام الرسمي العربي او الكيانات الباهتة التي ماتت المروءة في عروقها.. نحن في حاجة لبعث جديد لشباب هذه الأمة المكلومة المظلومة، شباب واعٍ ومدرك بحقيقة الصراع، شباب لا تضيع طاقاته وجهوده وراء الجماعات التي ضلت الطريق وصوبت بنادقها الى صدور بعض كما يحدث في العراق وسوريا وليبيا واليمن، إنما جيل جديد يعرف معنى للغضب والثورة ومواجهة ومحاصرة الاحتلال الصهيوني وفضح جرائمه ومجابهة صلفه وبشاعته، وتعبئة الأمة من جديد..
> نحن ندعو كل القوى الحية في الامتين العربية والإسلامية من الاحزاب والكيانات والمنظمات الى استلهام دورها وفاعليتها وتجديد طاقاتها وتكوين جبهاتها العريضة لنصرة القضية الفلسطينية والدفاع عن المقدسات الإسلامية وفي مقدمتها المسجد الأقصى وسائر المقدسات الأخرى، وندعو بشكل خاص الإعلام العربي إلى استنهاض دوره وعدم قبر قضيتنا الأولى وسط ركام الأخبار والأحداث العالمية ونسيانها، فهي قضية لن تموت ولن تنسى. فلو اضطلع الإعلام العربي بواجباته كما ينبغي، لما وصلنا إلى هذا الحد من الخزي والخذلان..
يا أمة العرب أين أنتم..
يا مسلمون أين أنتم ..!