منى ابوزيد

لاتعكروا مزاجنا .. !


«قيمة الإنسان شجرة وعي، والديمقراطية أهم عناصر تمثيلها الضوئي» .. الكاتبة ..!
(1)
شعراء كثر سودوا الصحائف وسكبوا المداد، عن ابتسامة الموناليزا – لوحة دافنشي الشهيرة – التي يقولون إنها حيرت الناظرين، ولعل هذا جميل، ومقبول، لأن الشعراء يتبعهم الغاوون، وهم في العادة يقولون ما لا يفعلون .. لكن المدهش حقاً – خاصة لأولئك الذين احتاروا في أمر الحيرة ! – هو تكالب الباحثين و»تكأكؤ» العلماء على تحليل وإعادة اكتشاف السيرة الشخصية، بل التاريخ المرضي لامرأة ابتسمت يوماً لريشة فنان ثم ماتت وشبعت موتاً! .. يرصدون الميزانيات ويكونون اللجان العلمية ويدبجون الأبحاث العلمية عن سر ابتسامة، والعالم ما يزال مليئاً بأدواء لا أمصال لها، وكوارث محدقة لا ساتر منها إلا رحمة رب العالمين! .. ابتسامة الموناليزا، وأشعار أدونيس، وأفلام يوسف شاهين – بحسب هؤلاء وأولئك – أيقونات إبداعية لا يطوف حولها إلا المعجبين الأذكياء ولا يفهم غموضها إلا المفكرين الأفذاذ، والذي يصبأ عن تلك الطقوس هو جاهل لا محالة، وبالتالي يصبح عرضة للازدراء الفكري، لمثل هذا تتفاقم فقاعات المبالغة وتكبر كرات الثلج! .. سأتوكل على الله وأقول رأيي: لا تعجبني أشعار أدونيس، ولا أفهم أفلام يوسف شاهين، ولم تحيرني – يوماً – ابتسامة الموناليزا، ولو كنت أملك سلطة لحللت تلك اللجان، ثم أمرت بتوزيع الميزانية المرصودة – لكل هذا الهراء! – على مشاريع جليلة لمساعدة المبدعين الفقراء ..!
(2)
صناعة السياسيين، اليوم – كما تعلم – هي صناعة (نجوم) في المقام الأول، يعني، منتهى العناية بالتفاصيل، ماذا تلبس وكيف تجلس أو تأكل أو تتحدث؟ .. كيف تتغلب على الحرَج؟ .. كيف تكون مقنعاً ومتى تصبح مُفحِماً؟ .. كيف تَتبسَّم على نحو مدروس .. ثم كيف تتظاهر بالقلق.. الخطورة .. أو الحزن إذا لزم الأمر؟! .. وعليه، ألا تتفقون معي على أن الساسة في هذا السودان – وإن اختلفت انتماءاتهم الحزبية ومشاربهم الأيدولوجية – يوحدهم نقصان مريع في هذا الشأن؟! .. إذا كنت حريصاً على قبول الآخر لفكرة كونك شخصاً جيداً وجديراً، فينبغي أن تضع في الحسبان أبجدياته التي ينطلق منها في تقييمه إياك، وأعرافه التي يتكئ عليها في الحكم بقبولك أو رفضك .. تلك هي القاعدة التي يحفظها عن ظهر قلب كل من سولت له نفسه الأمارة بالسوء دخول معترك التمثيل السياسي، إلا أخينا السوداني ..!
(3)
قد لا تتفق – مثلي – مع بعض أفكار صحفي العولمة الأشهر توماس فريدمان، لكننا حتماً سنتفق – أنت وأنا – على استحسان عبارته الذهبية الطريفة عن جوهر الفرق بين الصحفي الأمريكي ونظيره العربي .. (كصحفي أمريكي أستيقظ صباحاً .. أشرب قهوتي وأفتح حاسوبي المحمول لأبدأ مشكلتي مع الحكومة .. أكون «حائراً» في كيفية مهاجمة الرئيس الأمريكي .. هل أصفه بالحمق .. أم الغباء .. أم أصفه بالجنون .. مثلاً ؟! .. بينما يستيقظ الصحفي العربي صباحاً، وقبل أن يبدأ كتابة مقاله يكون «خائفاً» من تحقق أحد احتمالات ثلاثة: أن يفضي به رأيه إلى الموت، أو أن يودي به إلى السجن، أو أن يتسبب في فصله عن عمله).. وذلك أضعف الإيمان! .. بعض الكتاب العرب – بطبيعة الحال – لهم آراء أكثر سخرية بحكم المعايشة .. سئل الأديب والكاتب المصري علاء الأسواني، لماذا أنت طليق برغم كل ما تكتب؟! .. فأجاب (شعوب العالم العربي تعيش اليوم حرية الكلام .. كلام في كلام .. وبالتالي لا يقلق الحاكم .. قل ما تريد .. ثم دع الحكومة تفعل ما تريد) .. أليس كذلك..؟!