الصادق الرزيقي

معاً نحو النور..


> أعلنت الحكومة بالأمس، من داخل وزارة التربية والتعليم، انطلاقة أحد أكبر مشاريع التنمية الاجتماعية في البلاد، وصلاً لما بدأ في العهود الماضية ولم ينقطع، وبمشاركة خمسة عشر وزارة اتحادية وجهات أخرى داخلية ومنظمات خارجية، ترافقت معاً من أجل مشروع الحملة القومية الشاملة لمحو الأمية خلال الخمسية (2015-2020)، وهذا المشروع بضخامته وأهميته وتطلعاته ونتائجه المتوقعة سيكون له أكبر الأثر في ترقي المجتمع وبناء الإنسان السوداني والسمو به إلى مدارج المعرفة والعلم، هو أساس كل نهضة وتقدم.
> ويستهدف المشروع حوالي ثلث تعداد الشعب السوداني تقريباً. فالعدد المراد إخراجه من دائرة الجهل والأمية، يصل إلى «9,691,795» نسمة، فهؤلاء التسعة ملايين ونيف سوداني، لا يزالون يقبعون في كهوف الجهل المعرفي ولا يجيدون القراءة والكتابة. يعيشون خارج دائرة النور وإشعاع التعليم، وهذا بالطبع له ثمنه الباهظ الذي ندفعه كل يوم في اللهث خلف التنمية والسلام والتقدم والازدهار الاقتصادي والرفاء الاجتماعي.
> ويطمح المشروع الذي ينفذه المجلس القومي لمحو الأمية وتعليم الكبار بوزارة التربية والتعليم، بمشاركة وزارة التربية والتعليم ووزارات اتحادية أخرى ذات صلة، والخدمة الوطنية المعنية في الأساس بالمشروع وصاحبة الجهد المعول عليه، ومنظمات الأمم المتحدة مثل اليونسكو، واليونسيف، ومنظمات المجتمع المدني الناشطة في هذا المجال، إلى تجفيف منابع الأمية وإدماج واستعيعاب صغار السن من سن «7-9» سنوات في مراكز النور للتعليم، وتوفير فرصاً للمحرومين من التعليم من سن «10- 14» سنة، وإيجاد سوانح وفرص تعليم للذين فاتهم قطار التعليم وحرموا منه من سن «15- 45» سنة، فهذه الفئات العمرية المستهدفة بمشروع محو الأمية، هي الفئة القادرة على العمل والإنتاج وصناعة الحياة، ويجب أن تمتلك مهارات القراءة والكتابة والثقافة العامة والإلمام بأساسيات الحياة الحديثة المعتمدة على المعرفة والتعليم في مختلف المجالات، بما يحقق شروط النهوض والتقدم.
> ويتوقع في حال نجاح هذا المشرع خلال الخمس سنوات القادمة، أن يتم إلحاق 50% من أطفال السودان بمدارس التعليم النظامي في الفئة الأولى من سن 7-9 سنوات، و50% من الذين تتراوح أعمارهم من بين 10-14 سنة، و40% للفئة العمرية من 15- 45 سنة في التعليم الموازي ونفس النسبة في التعليم الفني و20% منهم في التدريب التحويلي، كما سيتم حسب المصطلح المستخدم وفق المعيار الدولي (تحرير) 20% من كبار السن من ربقة الأمية ومنحهم شهادات (التحرر)، وتحسين الدخول الاقتصادية لـ(1200) أسرة عبر التعليم الإلكتروني للأطفال، وصيانهة إعادة تأهيل (1800) مدرسة ومركز تدريب وتأهيل، مع العلم إن في البلاد عشرين ألف مدرسة أساس وخمسة آلاف مدرسة ثانوية.
> وتوجد خطة متكاملة وبرامج عمل في المراحل الثلاث من حيث التخطيط والمسح الإحصائي والزيارات الميدانية وتنقيح المناهج وطباعتها وتدريب المعلمين وتأهيل المراكز والمدارس وتحديد المستهدفين في كل ولايات السودان والمتابعة الميدانية حتي نهاياته في 2020م.
> مشروع بهذا الحجم والضخامة، وتقف عليه قيادة الدولة وتشرف على تنفيذه وشكلت له لجنة وزارية برئاسة وزير رئاسة الجمهورية، وخاطب حفل تدشينه وانطلاقة النائب الأول لرئيس الجمهورية أمس بوزارة التربية والتعليم بحضور عدد من كبير من الوزراء المعنيين، يتطلب منا جميعاً أن نحوله لمشروع وطني تنشط فيه كل قطاعات المجتمع ويتشارك فيه الجميع من كل الأطياف الاجتماعية والمهنية والسياسية، وغيرها لأنها نافذة تطل على الغد، وطريق يفضي إلى المستقبل، وفيه مصلحة كبرى لبلادنا للتخلص من مقيدات الجهل والتخلف. فسبب النزاعات والحروبات والصراعات والتراجع التنموي والخدمي، هو نقص التعليم وضعف الثقافة العامة وتنامي نسبة الأمية خلال السنوات الماضية..
> لقد انتبه المخططون للتنمية من فجر الاستقلال وقبله إلى أهمية محو الأمية وتعليم الكبار، وتوجد تجربة سودانية عريقة في هذا المجال، لكنها لم تتطور بما ينبغي ولم تفلح للتخلص من الأمية بشكل نهائي أو مقدر، وحان الوقت لتضافر كل الجهود وبذل المساعي من أجل أن نخطو خطوات واسعة للأمام تنتظم العمل فيها كل قوى المجتمع وشرائحه وقياداته التنفيذية والأهلية والشباب والمرأة والطلاب والإعلام بكل أنواعه، والمبدعين والرياضيين، وتجنيد كل الطاقات من أجلها.
> إذا أردنا أن نقدم شيئاً لوطننا ولمستقبله وللأجيال القادمة، فلنعمل من أجل محاربة الأمية والجهل والارتقاء بأمتنا إلى فضاء واسع من العلم والمعرفة، فمجتمع واعٍ ومدرك ومتعلم يستطيع تحقيق تطلعاته وبناء تماسكه ونهضته ولا خوف عليه على الإطلاق.. فلنعمل معاً نحو النور ..!