عثمان ميرغني

رجال شارع.. أم رجال دولة!!


هل الشعب السوداني – في أزمته اليوم- في حاجة إلى (رجال شارع) أم (رجال دولة)؟؟
هذا السؤال مهم جداً لفهم الخطأ المنهجي في تركيبتنا السياسية.. الحكومة لديها حزبها المتحالف مع أحزاب أخرى.. فما هي صفة الأحزاب التي هي خارج الحكومة؟
نسميها مجازاً (أحزاب المعارضة) لكن هذه التسمية غير صحيحة.. كلمة (المعارضة) هي لفظ (دستوري) قانوني يصف أي حزب غير مشارك في الحكم.. بعبارة أخرى (رجال دولة) لكن خارج الحكم.. (رجال دولة) قادرون على تولي وإدارة الدولة بمجرد أن تسنح لهم الفرصة..
هل يتحقق هذا الشرط والمفهوم في ما نسميه بـ(أحزاب المعارضة)؟ بالطبع لا.. هي أحزاب نشطة في الحركة الثورية الطامحة لإسقاط (نظام الحكم) واستبداله بآخر.. حسناً.. لو افترضنا جدلاً أن حزب المؤتمر الوطني وبكامل رضاه.. أعلن تخليه عن السُلطة اليوم.. فهل (المعارضة) جاهزة لتولي إدارة دفة الدولة غداً؟؟ الإجابة تحتاج إلى صدق مع النفس قبل الصدق مع الشعب..
إدارة الدولة أشبه بقيادة طائرة (جامبو) ضخمة.. كابينة القيادة ممتلئة بالأزرار وأجهزة القياس والتحكم.. الذي يجلس في الكابينة أن لم يكن ماهراً ومدرباً على التعامل مع هذه الأجهزة فسيكون حالنا كمن يقتحم كابينة القيادة ويطرد من بها ثم يجلس على مقعد الطيار ويحدق بكل دهشة في الأزرار لا يعرف كيف يواصل الطيران.. حتماً ستسقط الطائرة لا محالة..
المطلوب من (أحزاب المعارضة!!) الآن قبل الغد.. إقناع الشعب السوداني بأنهم (رجال دولة).. أما الشارع فلا أسهل.. الشعب السوداني حينما خرج للشارع أكثر من مرة في تاريخه وآخرها في سبتمبر 2013 لم ينتظر من يقوده.. لم يبحث عن (رجال شارع) فهو يجيد هذه المهمة.. لكن الذي ينقصه هو (رجال الدولة) البدلاء.. الذين يستطيع الشعب أن يبدلهم في كابينة القيادة بدلاً عن حزب المؤتمر الوطني..
واحدة من أهم خواص وسمات (الحزب الجديد) أنه سيدفع للصف الأمامي بـ(رجال دولة) واثقون من إقناع الشعب السوداني بأنهم قادرون على إدارة الدولة.. قادرون على تسلم (كابينة) القيادة دون أن تهتز أو حتى ترمش الطائرة.. وهكذا تبنى الدول..
منذ الاستقلال وحتى اليوم ظللنا نتنكب السُبل بين حكومات تقتلعها انقلابات.. ثم حكومات تطيح بها ثورات.. وأريقت أنهر من الشعارات والهتافات كلها انتهت إلى مناحات شعبية يتورم منها القلب السوداني المنفطر من كثرة الانكسارات..
الشعب السوداني اليوم في حاجة إلى (حزب رشيد) ينظر إلى المستقبل بعين بصيرة وفق خطة وبرنامج.. حزب مؤسسات لا حزب أفراد.. حزب ليس فيه بطاقات ملونة.. غاياته تحقيق (الحلم السوداني) الكبير.. وليس أحلام (قفة الملاح) و(الدقيق المدعوم).. و(اللجنة العليا للاستعداد لفصل الخريف).. أو أحلام سيارة (النفايات)..
بالله عليكم قولوا للحكومة وحزبها.. (كبرنا وكبرت أحلامنا)..!!
وقولوا للأحزاب الأخرى.. (الشعب يريد.. رجال دولة)..!!
أما الشارع.. فللشارع شعب يحميه..

(أرشيف الكاتب)


‫3 تعليقات

  1. ستقتش عنها ياولدي في كل مكان وان كونت الحزب لن تجد شعبا قابل للتغيير الناس ديل بوظو كل شئ جميل المشكله انو ما عارفين ذلك وان كانو عارفين المصيبه اكبر

  2. البشير عندما انقلب علي الشرعية في 30/6 كان يعرف قيادة طائرة الجامبو ؟

  3. الشعب هو الذى يطأ الجمر فى ظل التحزب والتتشرزم والحروب القبليه فى دوله فيها اكثر من مئه حزب لايوجد منهم واحد فاعل
    دوله فقيره باحزابها وغنيه بموارد لاتقدر لك الله يابلد بلد تقسم فيها السلطه والثروه على قله قليله من الذين يسمون انفسهم بالنخبه ولكن للاسف هم سراق المال العام الذين يسرقون قوت اليتامى والمساكين والضعفاء