منى ابوزيد

في الصورة والكتابة ..!


«كل رجل ليس وحشاً أو عالم رياضيات أو فيلسوفاً مجنوناً هو عبد لامرأة ما» .. جورج إليوت ..!
٭ كان سقراط زوجاً عاطلاً عن العمل، يتجول في الشوارع بلا هدى، ويحدث الناس عن الفلسفة، ويعيش عالة على تلاميذه الموسرين.
٭ لكن التاريخ ظل يذكر سلاطة لسان زوجة سقراط، وعدم تقديرها لعبقريته، وكيف أنها صبت يوماً ماء الغسيل القذر فوق رأسه، وكيف كانت ردة فعله الهادئة «أبرقت ثم أرعدت ثم أمطرت!»، وصيته الساخرة لطلبة علمه الملتفين من حوله «لا بد من الزواج على أيه حال .. فإذا رزق الواحد منكم بزوجة حكيمة مخلصة غدا سعيداً، وإذا حكمت عليه الأقدار بزوجة شريرة مشاكسة أضحى فيلسوفاً « ..!
٭ أما زوجة تولستوي فقد خلدت أضابير الأدب شتائم زوجها ونعته إياها بأقبح الصفات «لا أحد يستطيع أن يقول رأيه في زوجته صراحة إلا إذا أحكموا إغلاق قبره!» .. وظل عشاق الأديب الفذ يشفقون عليه من تسلطها ويخلقون له ألف عذر، ولكن الذي يتأمل واقع الحال من زاوية تلك المرأة الأرستقراطية – التي وجدت نفسها فجأة وبلا مقدمات في العراء، تعاني مسؤولية تأمين لقمة عيش أولادها شأنها شأن الفلاحين، سيجد نفسه أمام زوجة تعيسة تقاتل لتأمين مصدر دخل ثابت لأسرتها بعيداً عن دهاليز الفلسفة التي لا تطعم خبزاً ..!
٭ سيدة أرستقراطية لم تختبر خشونة العيش التي ينادي زوجها بها، ولا تعرف كيف تحيا وأولادها في كنف نظام آخر غير الإقطاع، ودونما تفكير فيما قد يصير إليه حال أبنائها الذين ترعرعوا في القصور. لكن التاريخ لا يذكر لها سوى أنها خاضت حرباً شرسة للحفاظ على حقوقها.
٭ معظم الناس الذين يلتفون حول الكاتب أو المفكر يرون فقط الجانب الفكري منه، ويسقطون ما عدا ذلك على رؤيتهم لجدارته بالتقدير، ويستنكرون ما قد يصدر عن شريكته في مؤسسة اجتماعية، لها إشكالاتها وقضاياها ومتطلباتها التي تجبر الطرفين على الاهتمام بشئون عائلية أكثر خصوصية وأقل اكتراثاً بما قد يدونه التاريخ ..!