عثمان ميرغني

سيارات البرلمان..!!


نشرت بعض الصحف أمس خبر تسلم المجلس الوطني (البرلمان) حوالي (30) سيارة (بكاسي دبل كابين 2015) بتكلفة تفوق الـ(15) مليار جنيه لتوزيعها على بعض شاغلي الوظائف الرئيسية في البرلمان..
وحسب الخبر فإن السيارة الجديدة ستكون الثانية لمن تخصص لهم، لأن النواب سبق لهم أن تسلموا سيارات صالون..
والذي أدهشني للغاية ليس عدد السيارات.. ولا تكلفتها الباهظة، بل الغرض منها.. فلو استجلبت مثل هذه السيارات لمفتشي الزراعة في مشروع زراعي مثل مشروع الجزيرة.. أو لضباط حماية الحيوانات البرية.. أو لدوريات شرطية تحرس أماكن المعدنين في قلب الصحراء.. ربما أمكن افتراض بعض المنطق في أن طبيعة هذه السيارات تتناسب مع مهام الوظيفة.
لكن قيادات البرلمان الذين استجلبت لهم هذه السيارات محيط عملهم لا يخرج من تحت قبة البرلمان.. فما معنى شراء سيارة (بوكسي) مثلاً لرئيس البرلمان أو أحد نوابه أو أي رئيس لجنة برلمانية أو أي وظيفة أخرى قد تحظى بهذه السيارة؟
طبيعة عمل البرلمان ولجانه في غالبها اجتماعات داخل أو خارج البرلمان.. وليس فيها أي مطلوبات تفترض استخدام مثل هذه السيارة للتجوال في مناطق وعرة أو بعيداً عن الطرق المسفلتة.. فما هو القصد من هذه السيارات؟
هل الأمر مجرد امتياز؟ فيحق – مثلاً- لمن استلم السيارة أن يبيعها في اليوم التالي ويستثمر عائدها في أولوياته الأخرى؟؟ طالما هو – علمياً- ليس بحاجة لخدماتها..
ثم.. هل السادة والسيدات الذين خُصصت لهم هذه السيارات (سواء بالامتلاك أو لمجرد الاستخدام) لا يملكون سيارات خاصة؟
وحتى إذا افترضنا أن السيارات ستُخصص لأعمال إدارية في البرلمان.. فماهي طبيعة هذه الأعمال الإدارية التي تتطلب مثل هذا النوع والعدد والتكلفة.

إذا كان واحد من أهم مهام البرلمان (مراقبة السُلطة التنفيذية) نيابة عن الشعب.. فإن فداحة المصيبة هنا أن الرقيب نفسه في حاجة إلى رقيب.. أشبه بمبدأ (حاميها..)..
كيف يكون البرلمان رقيباً على الجهاز التنفيذي أن كان هو نفسه غير قادر على إدارة أولوياته؟

من المحبط للغاية أن يأتي مثل هذا الخبر في وقت يربط البلد والشعب كله على بطنه.. ويهاجر كل يوم المئات وعلى رأسهم أساتذة الجامعات والأطباء في موجات جماعية بحثاً عن الرزق الحلال في بلاد أخرى.. فإذا كان البرلمان –شخصياً- يمتلك مثل هذه الجرأة النادرة ليمد لسانه إلى الشعب فمثل هذا التوقيت العجيب.. فإن الفاجعة لم يعد لها من بواكي سوى نحيب من لا يزال في مآقيه بقية دمع..
وحسبنا الله ونعم الوكيل..!!


‫3 تعليقات

  1. ويأتي هذا بالتزامن مع الكثير من الكلام والكلام الكثير وكثرة الكلام عن إصلاح الدولة وكذلك إنشاء مفوضية مكافحة الفساد .

  2. البروفسر ابراهيم احمد عمر
    كان أمل الشعب السوداني في استقامة البرلمان بالاضافة إلي النواب المستقلين , حتي إعضاء المؤتمر الوطني حمدوالله في توليه المنصب لكن للاسف الشديد .

    إذا كان واحد من أهم مهام البرلمان (مراقبة السُلطة التنفيذية) نيابة عن الشعب.. فإن فداحة المصيبة هنا أن الرقيب نفسه في حاجة إلى رقيب.. أشبه بمبدأ (حاميها..). نحن الشعب السوداني (الفضل) رقيبنا الله سبحانة وتعلي وهو علي كل شئ قدير

    ريفا………… الريس قليك انا زاااااااااااااااااااااتي غلبتني الحيلة معاهم ههههههههههههههههه ( ديل شياطين)