جمال علي حسن

جهد قليل لإقناع الإمام


السيد الصادق المهدي وبكل خبرته السياسية الكبيرة وتاريخه الطويل يجب التعامل مع مواقفه وحالاته السياسية بالكثير من الذكاء والبديهة الحاضرة لالتقاط إشاراته ورسائله .
فالرجل حصيف وحريف لا يورط نفسه في مطبات التحول الحرج من موقف إلى موقف والانتقال من مائدة إلى أخرى (دون أن يغسل يديه) كما يعبر الحبيب ضياء الدين بلال.. بل يعالج الصادق بخبرته وذكائه هذه الانتقالات بما يتناسب مع مقامه ومكانته السياسية وحساسية محاكمته في محكمة الرأي العام .
الإمام الصادق المهدي في خطبة عيد الأضحى كان قد أخفى أجزاء كبيرة من كروت اللعب المعبرة عن مواقف نداء السودان في الجيب الأيسر من جلبابه وأبرز بالمقابل أعلى جيبه الأمامي أطراف الكروت الجديدة التي يرغب الصادق في اللعب بها في المرحلة القادمة..
لم يتحدث في الخطبة عن إسقاط النظام لكنه تحدث كثيراً عن جدوى الحوار ودعا الحكومة لتحقيق السلام الشامل في البلاد.. لم يتوعد بشيء لكنه نصح بأشياء كثيرة بعضها تختلف الحكومة معه في تقييمه وتقديمه وطريقة معالجته لها لكنه لم يشتط كثيراً بل مال إلى الاعتدال.. أقرَّ إقراراً صريحاً بل رحب بمبادرة الرئيس البشير بالعفو عن حاملي السلاح الراغبين في المشاركة في الحوار والاستعداد لوقف إطلاق النار كخطوات جادة في طريق الحوار الوطني .
خطبة الصادق المهدي برغم ما فيها من بقايا مداد الغبينة السياسية القديمة وخبرته النفسية الأليمة مع انقلاب الإنقاذ لكن مضامين هذه الخطبة تضعه في مسافة أقرب بكثير إلى طاولة الخرطوم منها إلى أحراش النداء المتعنت .
وسيخطئ المؤتمر الوطني كثيراً لو ظن أن الصادق المهدي بقابليته للحوار يكون قابلا للتذويب والتماهي الكامل مع الموقف.. سيخطئون التقدير لو اعتبروا أن عودة الصادق المتوقعة ومشاركته في الحوار يمكن أن تضعه في موقف المشاركين المتماهين بالكامل والذائبين والمذوبين في الحكومة وفي النظام في ما بعد .
عودة الصادق ومشاركته تتطلب للحفاظ عليها واغتنامها وتطويرها خصوصية عالية في الاستعداد لتكييف حالة النظام بتفصيل جلباب واسع من الحريات المنضبطة وغير الحصرية عليه هو وحده .
لكن قبل كل ذلك فإن إقناع الصادق بالعودة والمشاركة في الحوار نفسه لم يتم بالكامل حتى الآن لكنه لم يعد يحتاج لأكثر من لمسات طفيفة وجهد غير جبار لكنه على الأقل جهد جاد وحقيقي حتى يقتنع بالكامل ويطمئن بما يكفي .

شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.