جمال علي حسن

درس جديد.. في جنيف


رهان المنظمات المعارضة على المواقف الدولية ضد السودان في جنيف مثله مثل رهان القوى الحزبية السياسية على بندقية حاملي السلاح في إسقاط النظام، ووجه التشابه هو أن بندقية حامل السلاح حين تحصل على المكسب المغري بالنسبة لها أو تعقد صفقتها مع الحكومة هنا أو هناك، اليوم أو غداً، تقوم مباشرة بإنزال ركاب حافلتها العسكرية من قادة الأحزاب المرافقين لها في الرحلة.. تطلب منهم النزول فوراً وقبل الوصول حتى إلى أية محطة ظليلة، تتركهم في الخلاء تحت الهجير وتنصرف .
وكذلك حال المنظمات الحقوقية والنشطاء السياسيين المعارضين من حاملي اللافتات الحقوقية والذين كانوا بالأمس يعولون كثيراً على تحركات الولايات المتحدة الأخيرة في جنيف لإعادة السودان إلى البند الرابع وهو بند الوصاية والرقابة وحشدوا أو جندوا لهذا الهدف بتقاريرهم حوالي 16 منظمة دولية حقوقية كانت قد سلمت رسالة إلى مجلس حقوق الإنسان طالبت فيها المجلس باستصدار قرار قوي وفوري يقضي بإعادة الخرطوم إلى البند الرابع، بند الوصاية الدولية..
لكن الوفد الأمريكي صاحب بضاعة البند الرابع في جنيف لم يقم باستشارة أحد أو حتى الاعتذار لأولئك الذين يهتفون خلفه قبل أن يتركهم وينخرط مع الوفد السوداني في مشاورات أفضت لاتفاق على تخليه تماماً وتخلي أمريكا عن موقفها وعن طلبها بإعادة السودان إلى البند الرابع واستبدال الطلب بمشروع مشترك بينها وبين الوفد السوداني لإبقاء السودان في بنده العاشر القديم مع استخدام لغة غير مشددة تجاه السودان حسب نص المشروع الجديد والذي ينتظر إجازته اليوم .
لكن مجرد التوصل لهذه التسوية بين السودان وأمريكا حول وضعية السودان الحقوقية الدولية هزيمة كبيرة وخذلان أمريكي كامل الدسم لوفد المنظمات السودانية التي كانت تطالب بوضع السودان تحت البند الرابع المتعلق بالانتهاكات والمراقبة والتفتيش والوصاية .
وهذا هو الفرق بين قوة الموقف حين يكون بالأصالة وبين ضعف الموقف حين يكون بالوكالة.. وهذا هو الفرق بين الموقف المبدئي والموقف الطفيلي والمتطفل.
وهذا هو الفرق بين من يبحث عن الحلول المباشرة للقضايا وبين الآخر الذي يعول على معالجة قضاياه بتوظيف مواقف الآخرين وبواسطتهم.

شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.


‫2 تعليقات

  1. و لكنك لم تمس جوهر القضية يا أستاذ و هي حقوق الانسان في السودان ! .

    هل على الشعب السوداني ان يستسلم لعمالة و غباء المعارضة و منظماتها الضعيفة أم عليه أن يتحمل رصاص الحكومة و جبروتها أم ان عليه أن ينتظر العدل من أمريكا , أين المخرج ؟؟ .