أبشر الماحي الصائم

اهتزاز الوسط


* لا أتحدث هنا عن أزمة (الرقص الشرقي) كما توحي عبارة (هز الوسط) !! بل ربما لا يعاني هذا (الوسط الراقص) أصلاً أزمة في ظل سطوة نخب الليبراليين في المنطقة !!
* لكني أتحدث عن الأزمة الأمنية التي ترزح تحت وطأتها أمتنا الإسلامية في الشرق، الأزمة التي دفعت شعبا بأكمله، الشعب السوري، إلى أن يركب البحر على متن مصيرين اثنين لا ثالث لهما، إما الوصول إلى الشواطئ الأوروبية أو الموت في عرض البحر، فالموت هنا أفضل ألف مرة من العيش تحت ظلال الحرب والموت والنزوح والتشريد !!
* على أن كثيراً من أهل العقد والرأي يرجعون عمليات (تفجير قنبلة الاقتتال المذهبي) في المنطقة، إلى عمليات (تغييب الوسط) الإسلامي، الذي حفظ طويلاُ التوازن بين إفراط (السلفيين التكفيريين) وتفريط (الشيعة التوسعيين)!!
* فالوسطيون (الإسلاميون) هم الذين عملوا عبر التاريخ الإسلامي على إبطال القنبلة المذهبية الموقوتة، وذلك تحت فلسفة وتخريج أن الأولوية تكمن في محاربة (اليهود المغتصبين).. على اعتبار أن أي حرب مذهبية إسلامية ستكون لا محالة على حساب قضية المسلمين المركزية، قضية القدس الشريف، وقد كان !!
* فالآن والقدس يدنس ويقتحم من قبل الصهاينة المعتدين، فليس في باحته من المدافعين إلا الحرائر المقدسيات العزليات، وفي المقابل أن الأمة غارقة حتى أخمص قدميها في الاقتتال الداخلي، حزب الله ضد أنصار الله !! وأنصار الشريعة يقاتلون أنصار الدولة الإسلامية !!!
* وأسعد الناس – والحال هذه – هم اليهود الذين وفرنا عليهم مشقة القتال، والمسلمون يخربون بيوتهم بأيديهم وبأيدي مؤامرات أعدائهم !!
* فعلى الأقل نستطيع هنا أن نؤرخ إلى بداية انهيار الوسط واختلال المعادلة بين الشيعة والسنة، إلى الحرب الشعواء التي شنها النظام العربي الرسمي ضد الإسلاميين، فجعلهم ما بين شريد وقتيل وسجين، فلما غاب الوسط اختلت المعادلة وتقابل النقيضان واحترقت المنطقة !!
* على أن الأزمة اليمنية كانت خير مثال لزعمنا هذا، كان الخليج ساعتها يشن حرباً لا هوادة فيها على حزب الإصلاح، الإسلاميين اليمنيين، على أنهم هم العدو فاحذرهم، فلما انهار الوسط اليمني خلا الجو للحوثيين وعلي عبدالله صالح، فبسلاح الخليجيين اجتاحوا اليمن وشردوا كل اليمنيين !!
* فبينما أدرك الملك سلمان، أيده الله ورعاه، ذلك وتصالح مع الإصلاحيين، لا زال في المقابل بعض الأشقاء، الأشقياء، في المنطقة يشنون الحرب على الإسلاميين المعتدلين في المنطقة !!
* فلا يعقل أن تنطلي علينا فرية الإرهاب، فنذهب في تدمير الفصيل الإسلامي المستنير، الذي يعتمد العلم والديمقراطية، وتداول الحكم ومحاربة التكفيريين !!
* غير أن الذي هو أخطر من ذلك كله، هو أن الإمعان في الحرب على الإسلاميين المعتدلين، ستحولهم لا محالة من الإيمان (بصندوق الديمقراطية) إلى اعتناق مبدأ (صندوق الذخيرة).