محمود الدنعو

عمدة لندن القادم


انتخابات عمدة لندن في مايو المقبل، كان يجب لها أن تظل هماً محلياً في العاصمة البريطانية مثل انتخاب عمدة لباريس أو واغادوغو أو كاتماندو أو بوغوتا، ولكن الإثارة في هذا الموسم في انتخابات عمدة لندن الذي تحول منذ سنوات من منصب رمزي إلى منصب العمدة السياسي، بل أصبح في الواقع هناك عمدتان في لندن، واحد مراسمي تقليدي، وآخر سياسي اكتسب أهمية كبيرة مع العمدة المثير للجدل كين ليفينغستون، أول من شغل هذه المنصب.
المختلف هذا الموسم الذي جعل وسائل الإعلام الدولية تهتم بهذه الانتخابات المحلية، وتسلط عليها الأضواء على نحو غير مسبوق، هما فرسا الرهان في هذا السباق المحموم بين الحزبين الكبيرين (العمال والمحافظين) في الظفر بهذا المنصب، وهو صراع كما وصفته صحيفة (تايمز أوف إسرائيل) سيكون بين مسلم ويهودي على عمدة لندن. فالمسلم هو مرشح حزب العمال صادق خان من أصول باكستانية، ورغم أنه حاول كثيراً الابتعاد عن إرث العمدة الأسبق العمالي المثير للجدل ليفينغستون المناهض لليهود، ولكنه ينظر إليه مسلماً ممارس للشعائر والعبادات الإسلامية في مواجهة يهودي لا بالممارسة، ولا الميلاد، وهو المرشح الأوفر حظاً بين مرشحي حزب المحافظين زاك غولدسميث.
و(خان) عضو مجلس النواب عن جنوب لندن شغل منصب وزير سابق في حكومة غوردن براون في حقيبة الأديان والجاليات، وهو واحد ضمن ثمانية إخوة لابن باكستاني مسلم هاجر إلى لندن، وعمل سائق بص، بينما عملت والدته في مهنة الحياكة، ونشأ خان في لندن وتخرج في القانون من جامعة لندن.
أما زاك، فجده لأبيه فرانك غولدسميث مولود في ألمانيا لمليونير يهودي من أسرة من الصيارفة، غيَّر اسمه إلى غولدسيمث من أجل التزوج بفرنسية كاثولوكية، وأصبح عضو مجلس النواب البريطاني عن حزب المحافظين في العام 1910، وظل لثماني سنوات يشغل هذا المنصب، وعلى الرغم من زواجه من خارج الطائفة، إلا أن فرانك غولدسيمث ظل قريباً من الجالية اليهودية، وساعد الكثير من اللاجئين، وأنفق الكثير من المال لصالح المؤسسات الخيرية اليهودية.
وبدأ زاك حياته العملية صحفياً، وأصبح رئيس تحرير مجلة (ذا ايكولوجيست) منذ العام 1998 وحتى 2007، ثم دخل البرلمان نائباً عن دائرة ريشموند بارك في العام 2010 ممثلاً لحزب المحافظين وبشعبية متجاوزاً منافسه بـ19 ألف صوت.
ربما يظهر مرشحون آخرون لمنصب عمدة لندن من حزب الخضر أو من الديمقراطيين الليبراليين أو حزب استقلال إنجلترا اليمني، وحتى زعيم حزب الاحترام الناشط في معاداة إسرائيل النائب السابق جورج غالاوي، ولكن أكثر توقعات المحللين تشير إلى أن السباق سيكون بين زاك غولدسميث وصادق خان.