مقالات متنوعة

د. جاسم المطوع : (7) وسائل تزيد من ذكاء ابنك وفطنته


لعل القارئ يستغرب عندما يعرف أن أول سبب من أسباب تنمية الذكاء والفطنة هو (الحب) فإذا أغدقنا على الطفل حبا وحنانا من خلال الكلمات واللمسات والاحتضان فإن نفسيته ستكون مستقرة ويشعر بأنه مقبول من قبل والديه فيزداد عطاء ونماء وذكاء.

وقد دلت الأبحاث والتجارب على ذلك، وكلما قدمت الأم حبا مبكرا لطفلها ساهمت في تطوير منطقة في المخ مسؤولة عن الذكاء والتعلم والذاكرة.

والسبب الثاني في تنمية ذكاء الطفل تشغيل حواسه الخمس وهي: (البصر والسمع والشم واللمس والتذوق) للتعرف على المحيط الذي حوله وهذا يحتاج لتعليم وتدريب من قبل الوالدين.

والسبب الثالث أن نستمع له ونتحدث معه، فيتعلم من الاستماع تقييم أفكاره وتحليلها ومراجعتها ويتعلم من الحديث معه تشغيل مخه بالتحليل والاستنتاج والاستنباط.

والسبب الرابع حفظ القرآن الكريم وتدبر معانيه وفهم آياته وقراءة تفسيره، فالقرآن يدعونا للتأمل والتدبر في خلق السماوات والأرض وفي ذلك تحريك للعقل.

بالإضافة إلى أن حفظ القرآن الكريم ومراجعته ينشط الخلايا الدماغية ويجعلها متحفزة دائما، ولهذا يقل الخرف في حفاظ القرآن الكريم عند كبر سنهم.

والسبب الخامس هو توفير ألعاب تساهم في تنمية الذكاء للطفل سواء كانت ألعابا كلامية مثل الألغاز أو ألعابا رياضية تحتاج لتخطيط كالهجوم والدفاع أو ألعابا تعتمد على الحساب أو ألعابا الكترونية تحتاج لسرعة بديهة وتفكير.

والسبب السادس زيارة مواقع وأماكن تعرف الطفل على المخترعين والأذكياء ويتعرف كيف يتعامل مع مصاعب الحياة ومشاكلها، وكذلك زيارة المتاحف أو زيارات المواقع الأثرية القديمة أو مجالسة الأذكياء.

والسبب السابع تناول أطعمة تنشط الذاكرة وتساهم في زيادة الذكاء وهذه يمكن للقارئ أن يبحث في أنواع الأطعمة بالنت أو يسأل أهل الاختصاص في المجال الغذائي يفيدونه بها، فهذه سبعة أسباب تزيد من فطانة الطفل وذكائه.

ومن يتأمل سير الأنبياء والصحابة والعلماء يجد أن صفة الذكاء والفطنة موجودة عندهم وهذا سبب من أسباب تميزهم علي الآخرين فأبوبكر الصديق – رضي الله عنه – لما هاجر مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكان رديفه فكان يمر بالقوم فيقولون له : من هذا بين يديك؟ فيرد عليهم : هادٍ يهديني وأحيانا كان يقول دليل يدلني. فهذا جواب ذكي حتى لا يكشف سر الهجرة، وعمر الفاروق – رضي الله عنه – في يوم أحضروا له غلمانا سرقوا ناقة رجل فلما رأى أجسامهم ضئيلة وهزيلة والبؤس عليهم ظاهر ووجوههم صفراء قال لسيدهم: لقد كدت أن أعاقبهم لولا علمي بأنك تجيعهم، فلما جاعوا سرقوا، ولن أعاقبهم بل أعاقبك أنت، فعرف من حالهم أنهم مظلومون وهذه لفتة ذكية منه.

وعلي بن أبي طالب – رضي الله عنه – عرضت عليه مسألة رجل حلف على زوجته بالطلاق إن لم يطأها في شهر رمضان نهارا، فقال له علي : سافر بها لتجامعها نهارا، فعالج المشكلة وحفظ الأسرة بجواب ذكي.

وأبوحنيفة – رحمه الله – قال له رجل إذا خلعت ثيابي ودخلت النهر أغتسل فإلي القبلة أحول وجهي أم خلافها، فقال له أبوحنيفة : الأفضل أن تحول وجهك إلى الجهة التي فيها ثيابك لئلا يسرقها أحد ، فهذا جواب ينم عن ذكاء وفطنة وإن كان في ظاهره جوابا فكاهيا.

وهكذا كان كل علمائنا ولهذا القرآن الكريم عرض لنا نماذج للذكاء حتى يكون لنا منهج في تربية أبنائنا، مثل تصرف بلقيس عندما اختبرت سيدنا سليمان بالهدية، وتصرف أخت موسى عندما أرسلت لأخيها موسى أمه ترضعه بطريقة ذكية، وتصرف آسية الذكي في الحفاظ على الطفل موسى رغم بطش فرعون وزبانيته في قتل النساء والأطفال.

وقصص كثيرة في تاريخنا تتحدث عن ذكاء عائشة – رضي الله عنها – وعن ذكاء خالد بن الوليد وعمر بن العاص – رضي الله عنهم – وغيرهم كثير ، لكن المهم من هذا كله كيف نحول هذه المفاهم والقيم القرآنية والنبوية إلى واقع عملي في بيوتنا ومع أبنائنا وتدخل في مناهجنا التعليمية.

فنحرص على التربية الذكية لأطفالنا ونهتم بتنمية عقولهم ليساهموا في المستقبل ببناء وطنهم وخدمة دينهم.