حوارات ولقاءات

لقاء المكاشفة.. مع مريم الصادق المهدي : لم أطلب الطلاق بسبب البذخ وزوجي ليس بذخياً حتى في مشاعره


ضمن سلسلة حلقات البرنامج الصحفي الحصري “لقاء المكاشفة” جلست السيدة مريم الصادق المهدي على الكرسي الساخن بمواجهة محرري الصحيفة الذين طرحوا عليها الكثير من الأسئلة، مريم استقبلت الأسئلة، بهدوء شديد وطافت بنا في كل المجالات سياسة واقتصادية واجتماعية وحتى الرياضة.. مريم تحدثت عن نفسها وأهلها وحزبها وبلادها والوضع السياسي الراهن بأفق واسع ونظرة عميقة ورؤية إستراتيجية، تحدثت عن العلمانية وعن جيش الأمة للتحرير وعن نداء السودان، وعن الإمام الصادق المهدي، طرحنا عليها العديد من الأسئلة التي تدور في فلك الصحافة والسياسة، مريم لم تتحرج وهي تتحدث في الخاص، وجهرت بما تعرفه عن العمل العام، لقاء المكاشفة استمر لساعتين ونصف الساعة استمعنا فيه إلى مريم الصادق المهدي في جوانب مختلفة.
ــ هل صحيح أنك قدمتِ للقوات المسلحة؟
قدمت للقوات المسلحة قبل أن أنضم لجيش الأمة للتحرير في سنة 1992، وتم رفضي مباشرة قبل مقابلة القائد العام للقوات المسلحة، قمت باجتياز كل المعاينات، أنا أذكر شيئين في (الأورنيك) الذي يمثل طلباً للانتماء للسلاح الطبي السوداني، سألوني عن شيئين: ما هو اسم قبيلة الأب وما هو اسم قبيلة الأم، هذه أول مرة أرى مثل هذا الكلام مكتوباً بصورة مباشرة وفي ورق رسمي، كانت إجابتي على هذين السؤالين إنني ” سودانية “، لأنني سودانية بحق، أنا نتيجة هندسة وراثية أشرف عليها الإمام المهدي بنفسه، ودمنا من كل مناطق السودان شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً ووسطاً، أنا سودانية من غير أي مزايدة ومن غير ادعاء، ثم كان هناك سؤال عن الأعداء والأصدقاء، لم أستغرب هذا السؤال، فقد قلت في قرارة نفسي ربما أرادوا مني بعض المعلومات، كان هناك سؤال إن كان لي أقارب تعرضوا للسجن، أو محاكمة.. وفي أي سنة وما هي الأسباب، حينها رفعت رأسي وكنت أريد أن أقول ” أدوني ورق زيادة ” إلا أنني رأيت أنه لا داعي للاستفزازات، فأجبت بأن غالبية أقاربي الذكور وبعض قريباتي الإناث تم سجنهم ومحاكمتهم منذ السبعينات لأسباب سياسية فقط.
ــ ثم ماذا فعلت؟
انضممت لجيش الأمة للتحرير في العامة 97 وكنت أول الدفعة في العمل الميداني، وكنت أول البيادة وبعد ذلك أصبحت رائداً في جيش الأمة للتحرير.
ــ كيف كانت قصة زواجك من عادل شريف؟
قصة زواجي كانت في العام 92 ولكننا تزوجنا في سبتمبر 95، وحينها كان لدي موقف من العمل السياسي، كنت مصرة على أن أكون طبيبة فقط، كنت أريد أن أتميز كطبيبة فقط.
ــ هل صحيح أنك طلبت الطلاق لأنه يصرف عليك ببذخ؟
لم أطلب الطلاق من زوجي، ولكنني تباحثت معه حول هذا الأمر لأنني شعرت بأنني أرهقه، هو لا يصرف علي ببذخ بالعكس هو رجل موضوعي، الحقيقة أنه لا يعرف البذخ حتى في مشاعره، أخبرته بأنني عبء على الأسرة لأنني أصرف بشكل كبير جداً في عمل طوعي ليس فيه عائد وليس فيه أجر، وبالتالي تطوعاً مني وعن قصد، توقفت عن العمل الذي فيه الكثير من المال، الطب بالنسبة لي أكثر من هواية وربما شخصيتي منساقة وراء الطب، لكنني أخيراً وجدت نفسي أهيئ لزملائي الأطباء مزيداً من الوضع الذي يمارسون فيه مهنتهم، لأن الحقيقة هي أن الأوضاع مشوهة في البلاد بسياساتها أو ممارساتها، أو حتى طريقة التعليم فالأطباء لا يستطيعون أن يعملوا في مناخ مناسب، لكن بإذن الله عندما يحدث التغيير سيتم تصحيح الكثير من هذه المسارات.
صحيح بحثت مع زوجي عادل هذا الأمر، لكنه قال أنا أصرف لأنني مؤمن بما تقومين به، لذلك يهمني أن أكون جزءاً منه.. زوجي بعيد جداً من العمل الحزبي وهو مهتم جداً بالعمل الإنساني.
ــ كيف تنظر مريم الصادق إلى نفسها؟
أنا أتعامل مع نفسي كمواطنة في العالم كما أنني مواطنة في السودان، وفي تقديري بأنه آن الأوان للذين يعتقدون أنه ينبغي أن يكون لهم دور في السودان أن ينظروا للسودان، صحيح في إطار السودان للسودانيين، نحن نحس بهم والعالم أيضاً والآن مع مشاكل الهجرة وغيرها أصبح الهم مرتبطاً بالهم الخارجي، أنا أُعرّف نفسي أمام نفسي بأنني مواطنة سودانية مسلمة وأنصارية وأم وأخت، وهذه تشكل من أكون، ولكنني من الذين يرفضون أن نعرف أنفسنا كنساء بهذه الصورة المجتزأة، نحن النساء منتميات لكل الانتماءات المختلفة بكل أفكارنا، لذلك أنا أعتقد أن الحديث عن اتحادات عامة للمراة السودانية كلام فيه قدر عالٍ مع عدم التصالح مع الحقيقة والواقع وفيه نظرة شمولية للمرأة، ليس لأنها امرأة ستصبح متحدة مع الأخريات، لكن صحيح أنه من المهم أن يعرفوا ببرنامجهم والحد الأدنى ويعلمون كل واحدة بمرجعيتها لأن هناك المستقطبات سياسياً وهناك المختلفات دينياً والمختلفات جهوياً، هناك منهن من الحضر ومن هن من الأرياف، هناك في مناطق النزوح واللجوء وهناك من هن في أماكن أكثر استقرارًا، كلنا لدينا قضية متشابهة في جوانب، المرأة السودانية عموماً في المراحل الأخيرة نجحت في أن تعرف ملامح البرنامج الذي يجمعها اجتماعياً وصحياً وسياسياً وقانونياً.
ــ هل تعتقدين أن المرأة ينبغي أن (تزاحم) الرجال في السياسة؟
نعم.. ينبغي أن تدخل المرأة للسياسة أكثر من الرجال، لأن السياسة هي إدارة الحياة، والمرأة في السودان عليها أن تدخل السياسة حتى يستعدل الوضع الاجتماعي ككل، لا أعتقد أن هناك حرجاً أو تضادات مع كل مرجعياتنا السودانية.. القرآن عندما نزل ليمدح حاكماً مدح بلقيس، وبالتالي لا يوجد حرج كنساء مسلمات أن نكون حاضرات وبقيادة في عالم السياسة. النساء في المهدية كن قائدات عسكريات ومراسلات حربيات وغيره، لذلك في تقديري العمل الحزبي والسياسي للمرأة مهم جدلاً في السودان وفي عموم العالم، أنا أعتز بالحبيبات في حزب الأمة، على رأسهن والدتي الراحلة المقيمة سارة الفاضل، والأستاذة سارة نقد الله والسيدة إنعام المهدي والحبيبة أميمة، والأستاذة إنصاف جاد الله والكثير من الحبيبات، قائداتنا تم اختيارهن على مستوى العالم بانتخاب، في الدمازين نائبة الرئيس انتخبوها انتخاباً، والسيدات اللائي في المهجر أستاذة زينب محمد صالح، كما تم انتخاب رئيسة الفرعية في نيويورك امرأة، لدينا في الحزب الفكر الذي يقضي بتمدد النساء في الحزب بصورة أساسية.
ــ كيف تقرأين الأزمة السودانية؟
الترتيبات السياسية للأزمة السودانية والنفسية للغضب والهجرات بكميات كبيرة جداً، وارتماء للمجهول لإسرائيل وغيرها والاتجار بالبشر والولوغ في المخدارات؟ والدخول في الإرهاب كل هذه الأشياء تبديات لأزمة سياسية عميقة وبصورة تجعل من السودانيين أن يشعروا أنهم ينتمون لبلد واحد.. لا يستطيعون تعريفه وما هي حدوده، لدينا مشكلة في النظر إلى تاريخنا وليس لدينا نظرة لتاريخ موحد يمكننا أن نعود إليه، لدينا أبطال تحسبهم جهات، وجهات أخرى تحسبهم متهمين بالخيانة العظمى، إحساسنا بتاريخنا أيضاً مختلف جدًا نحن ندرس في المدارس تاريخاً يبدأ من دخول الإسلام للسودان، بينما السودان من أقوى ميزه أن تاريخه عميق، هذه الـ 26 سنة حدث فيها تعميق كبير لمستوى الأزمات التي كنا نعاني منها، ولم يكن هناك عجب أن ينفصل السودان، لكن أخطر ما نعانيه الآن أنه في إطار الدولة الحديثة، التي استطعنا أن ننشئها في السودان خلال السنين التي مضت أنها معرضة لهزة كبيرة جداً لأننا انتهينا الآن الى لا سياسة، قبل ذلك كان هناك نوع من السياسة، سياسيون يتصارعون بمستوى سياسي معين. الآن ليس هناك مثل هذا الأمر، لا يوجد عمل سياسي الآن، المنطق السياسي منعدم في ظل وضع تفهم كل الناس فيه الحق .. نحن نعلم أن الحوار مدخل أساسي للحل، لكن الحوار نفسه في إطار السياسة أصبح نوعاً من الأزمة، هناك أكثر من ستين قراراً دولياً بحق السودان في السنوات الأخيرة، هذه المسألة لوحدها من المفترض أن تكون (كف) لننهض من سباتنا، نحن في المعارضة مصرون لإقامة سلام حقيقى وشامل يحفظ كرامة الإنسان السوداني .
ــ متى حملت وتدربت مريم الصادق على السلاح؟
عندما تدربت في جيش الأمة للتحرير في أواخر العام 1997 حتى منتصف العام 98، وتعلمت ضرب السلاح وإطلاق قنابل القرانيت لكنني لم أتمن يوماً من الأيام أن أستخدمها إلا في حالة واحدة.. شخص يريد أن يهجم مثلاً على الحبيب الإمام، كان ذلك الشعور عندما هوجم منزلنا ذات يوم وكانوا يريدون كسر الباب، في تلك اللحظة تمنيت أن يكون معي سلاح، هذه هي اللحظة الوحيدة التي لم أكن أتحرج فيها أن أستخدم السلاح، كنت في فصيل جيش الأمة للتحرير للسواقين الميكانيكيين وجئت (سائقة) من أسمرة إلى أم درمان، لقد قيض الله لي مكاناً أقدم فيه المساعدة للآخرين لأنني كنت قائد الوحدة الطبية لجيش الأمة للتحرير، وبعد ذلك أصبحت قائد ثاني الوحدة الموحدة، ونحن الوحدة الوحيدة في لواء السودان الجديد التى توحدت وكان قائدها الدكتور أسامه عكاشة، وعندما جئنا إلى المنزل قال زوجي: لا يمكن أن يكون هناك سلاح بالمنزل حتى ولو كان مرخصاً وذلك نظرًا لوجود الأطفال، نحن الآن لا نملك سلاحاً بالمنزل. عندما جئنا إلى الخرطوم كنا في ظروف صعبة وقام الإخوة الارتيريون بمصادرة أسلحتنا ما عدا السلاح الشخصي للضباط، (أخرجت مريم الصادق حينها طلقة من شنطتها ووضعتها في الطاولة وقالت إنها لم تفارقها منذ العام 2000 وأنها صديقتها في معظم الملمات وهي من مسدسها الخاص).
ـ وهل صحيح أن مريم الصادق تقود الخط العلماني داخل الحزب؟
أعتقد أن الفتنة العلمانية غير خاصة بالدين الإسلامي ولكنها خاصة بالدين المسيحي واليهودي لأن الفكرة لديهم أن الزواج مثلا زواج ديني يعقد في السماء، العلم وهو ما أعدم بسببه العلماء في عصر النهضة، العلم لدني ولا مجال للبحوث، وأن الحكم يعطيه الله لإنسان يصبح هو المرجعية، الإسلام ثورة بشرية مفاهيمية كبيرة في كل المجالات أن الإنسان مكلف، ومن هذا الباب وقع عليه الاستخلاف، وعليه جاء في الحكم أن البشر مستخلف بالشورى فيما بينهم ولديه مساحة الحرية التي يختار بها الصواب من الخطأ.
ــ إذن لا بد من المرجعيات؟
المرجعيات أساسية لأجل أن يكون هناك توحيد وعدالة وحرية وكرامة، لأجل ذلك فإن المسلمين الأوائل كسيدنا عمر بن الخطاب وهو المتشدد لدينا في تاريخ الخلفاء الراشدين، لم تكن لديه مشكلة أن يستقى طريقة إدارة الحكم من الفرس، ليس لدينا كهنوتية في الإسلام، لكن حدث لدينا انكفاء، وعندما جاء في بداية القرن العشرين ودخل المسلمون إلى أوربا وانبهروا بها، فهم درسوا بالمدارس الدينية وليس لديهم فكر بالحداثة، أول آية نزلت هي (اقرأ)، صحوتنا جاءت بالعقل المنفصل، لدينا علماء في الفقه، ولكن ليس لديهم أي معلومة عن علم الأحياء مثلاً، أو الفيزياء والعلوم الحديثة التي استعمر بها الغرب عالمنا الذي كان متفوقاً في نهضته، ثم جاء هذا الانفصال بين الدين والدولة المفتعل، الفتنة هذه ليست لدينا لأننا قمنا في عهود فيها صحوة إسلامية، وبالتالي فإن جيلنا عندما يدخل في هذه الفتنة فهي بالنسبة لي غريبة ومفتعلة، حتى على المستوى السياسي تجاوزنا هذه المسألة، أنت عندما تخبرني كيف أفكر هذا في حد ذاته حجر على حريتي، لكن تواضع معي على أسس وميثاق وأن هذا ما نريده للسودان، عندما تكون المواطنة أساساً للحقوق والواجبات وهذه مواصفات الدولة المدنية، حينها أحس أنني مرتاحة جدًا لمرجعيتي الإسلامية، نحن في هذه البسيطة وفي السودان لا نريد أن نحجر على أحد ونقول له ماذا في رأسك، وما هي مرجعيتك، أنا في الآخر مواطنة سودانية لا أريد أن يظلمني أحد لتفكيري أو لمرجعيتي، المواطنة تقضي بما أنني سوداني وفي إطارها القانوني والدستوري أمارس حريتي كلها من غير أن أتعدى على حرية أحد، صحيح الآن حدثت مواجهات كتلك التي حدثت في مصر وأدت إلى شعور بالقوة إلى من ينسبون إلى العلمانية، أقوى الديمقراطيات الآن سياسياً واقتصادياً في العالم، والتي بها علمانية موجود بها الدين بقوة مذهلة كمرجعية، في أي محكمة بأميركا أنت تقسم على الكتاب الذي تؤمن به، والدولار الذي يوحدهم كلهم مكتوب فيه نثق بالله، هذا كلام ديني أساسي، ألمانيا تحكمها سيدة من الحزب المسيحي الديمقراطي، الدين والسياسة محطها الإنسان، والبعد الديني مهم، حتى الذين نادوا بالعلمانية ليفصلوا الكنيسة الآن يقومون بعمل مراجعات حقيقة، فما بالك نحن المسلمين، ونحن أصلاً نتكلم بدولة المدينة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فاليهود والمنافقون وحتى المشركين كانوا مواطنين في دولة المدينة، أنا لست من الناس الذين يفتكرون أن هذه قضية، هذا نوع من إبداء الغضب تجاه بعضنا البعض، ينبغي أن نخرج من محاكمة بعضنا البعض بمرجعيات (فهمنة) نحن المسلمين الآن في السودان لا يوجد ميثاق يجمعنا وليست لدينا وجهة نظر واحدة.
هناك مشكلة ما بين أهلنا الصوفية وأهلنا الأقرب إلى الوهابية، هذه مسألة يجب أن لا تفوت علينا، في عالمنا الإسلامي، فليكن هناك احترام لمرجعياتنا، سواء سنة أو شيعة أو متصوفة ألا ترون أن أكبر الحروب التي تدور في عالمنا هي بسبب هذه المشاكل، وعليه فإن فكرة أن نصنف بعضنا البعض ونرفض بعضنا البعض هي فكرة في حد ذاتها فاشلة.
ــ وكيف نتخلص من التصنيف؟
نتخلص من التصنيف بصياغة عهد المواطنة بصدق، نعم .. هذا عمل يحتاج إلى تكريس، فالحديث عن اليساريين كأنهم رجس من عمل الشيطان حديث في تقديري يمثل أحد القضايا التي نحن بحاجة إلى مراجعتها، وعندما نقول هذا يميني وهذا يساري وهذا علماني، هذا التصنيف في اعتقادي هو أحد المخاطر الكبرى التي أوصلتنا إلى هذا الفشل الكبير، من غير إنتاج مشروع بديل حتى يكون منصة ننطلق منها، كل يريد إقصاء الآخر منذ حادثة الستينات حين تم طرد نواب الحزب الشيوعي من البرلمان ومن ثم حله، هذا الأمر أفرز مشاكل كبيرة جداً، وعليه لابد أن نخرج من هذه الذهنية.
ــ وكيف نخرج من هذه الذهنية؟
بالاعتراف بأننا مواطنون بموجب الدستور ينظم علاقتنا القانون، ومن حق الجميع أن يكونوا متساوين في الحقوق والواجبات، هذه هي المواطنة التي نتحدث عنها من سنين من غير أن نبحث عنها أو ننزلها كواقع، لأننا لا نأخذ الأمور بجدية. هذه هي إحدى مشاكلنا في السودان، عدم الجدية
ــ هل نستطيع القول أن مريم الصادق وسطية؟
من أهم القيم التي تعرضت لها في حياتي وجعلتني أرى نفسي من الخارج وهذه لا تتاح لكثير من الناس في عالمنا في محور وسط محدد بمرجعيات فكرية وتاريخية ككيان الأنصار وهو كيان قوي وكيان متمدد في حياته السياسية والاجتماعية والثقافية. هناك شيئان ساعداني وهما زوجي عادل شريف لأنه من مرجعية لا حزبية، وكنا نعتقد أن الحزبيين أقرب الى (القاعدين ساي)، لم أكن أصدق حتى قابلت عادل، هو شخص مسكون بالوطن والناس وبأهله بصورة أساسية من غير أن يكون له حزب، هذا الشيء وسع مداركي لنوعية من الأشخاص لم يكن لدي كبير إدراك بوجودهم، الشيء الآخر في إطار العمل السياسي، كنا نستطيع أن نقول إن هذا الشخص ضدنا لأن جذوره ضد المهدية، لديك فكرة تريح بها نفسك عن السؤال لماذا هذا الآخر ضدك وليس معك، صحيح أن هذه صورة تبسيطية ولكن الدنيا هكذا، الذي أخرجني من التفكير التبسيطي هو عملي مع كوادر سياسية من أحزاب أنا لم يكن لدي معها أي تواصل كالشيوعيين والحركة الشعبية، عندما قابلتهم اكتشفت أنهم ليسوا مؤمنين فقط بقضيتهم ولكنهم ماتوا أمامي من أجله ويموتون من أجله، بعد ذلك أصبح أمامي الأمر واقعاً أن اجلس إليهم لأن لديهم نظرة في هذه الحياة هي مختلفة عنك وليس لديه علاقة معك لأنه مختلف، إضافة إلى حوارات كثيرة جداً جرت مع هؤلاء وفي الميدان، حوار الميدان يختلف عن حوار الطاولة.

الصيحة


‫2 تعليقات